نحن بحاجة إلى الاحتواء الفكرى لجيل الإنترنت والموبايل والنانو تكنولوجى، وإقناعه بالحجة والمنطق، حتى لا يتركون «نهباً» لتجار المخدرات وتجار الدين وتجار السياسة

لقد لقد اخترت هذا العنوان لإجراء حوار مفتوح مع طالبات كلية البنات للآداب والعلوم والتربية بجامعة عين شمس، من خلال الندوة التى نظمها قطاع خدمة المجتمع، مع بداية الفصل الدراسى الثانى فى الجامعات المصرية، من منطلق أن الحوار الطريق لاحتواء الشباب فكريا.
ولتصحيح المعلومات المغلوطة وتفنيد الأفكار الهدامة التى تؤدى إلى التكريس لسياسة الإحباط والاحتقان لدى عدد غير قليل من الشباب تجاه الدولة المصرية، عرضنا عليهم الحوار فى نقاط جوهرية وذلك على النحو التالى:
أولا- الشباب وثورات الربيع العربى: والحاصل أن أكثر الدول فى المنطقة العربية لم تستطع أن تحتوى الشباب منذ هذه الثورات، والتى بدأت فى تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا والسودان، وقبلهم العراق والمغرب والجزائر ومالى، وفى هذا السياق طرح سؤال: هل الربيع العربى أدى للتغيير للأفضل؟ أم تحول إلى خريف قارس للدول التى سعت إلى التغيير؟
والحاصل أن العمليات الإرهابية زادت، حيث استفادت الجماعات الإرهابيىة من الثورات العربية نتيجة انهيار الأنظمة الديكتاتورية، وليعى الشباب أن ما يحدث فى المنطقة من تفتييت وتقسيم وفتنة داخل دول الجوار هو لصالح إسرائيل.
ثانيا»: الشباب والإعلام الإلكترونى: والحاصل أن بعض الشباب ممن يمتلكون صفحات خاصة على شبكات التواصل الاجتماعى، ومشاركون فى جروبات يفتقدون الوعى الفكرى، والدليل أن سلاحهم فى كل الأستحقاقات التى تنجزها الدولة هو سلاح السلبية والاحباط والمقاطعة، ناهيك عن الملقبين بالنشطاء السياسيين والحقوقيين، وهم فى تصورى يظهرون فى المواسم، يكتبون ويحرضون ويشيرون، ويشعللون صفحات الإنترنت بمعلومات بعضها مغلوطة مقتبسة من الفضائيات والصفحات المعادية للدولة المصرية.
ثالثا- الشباب وثقافة الحوار: والحاصل أن الشباب داخل قاعات المحاضرات يفتقدون ثقافة الحوار، ويسيطر على الغالبية منهم منهج الفكر الواحد والرأى الأحادى، نتيجة فرض المذكرات الجامعية من قبل بعض أعضاء هيئة التدريس، مما أدى إلى التكريس لتخريج شخصية غير مستقلة، وفى هذا السياق طرح سؤال عن وجهة نظرى فى بعض شباب الباحثين من الحاصلين على الماجستير والدكتوراه، ممن يتظاهرون ويفترشون أرض مجلس الوزراء؟، وفى تصورى أن هؤلاء مطالبهم مشروعة خاصة أنهم تعرضوا لوعود من قبل حكومات متعاقبة، ولكن طريقتهم فى التعبيرعن مطالبهم خاطئة، وهم يفتقدون لغة الحوار اثناء دراستهم المدرسية والجامعية والبحثية.
رابعاَ: الشباب وثقافة الاختلاف: والحاصل أن بعض الشباب يخلطون بين الأختلاف والخلاف، وهذا يرجع إلى الحوارات التلفزيونية والمجالس العلمية، والمناقشات الفيسبوكية، لا يوجد أحترام للرأى الآخر، ولا يوجد تسجيل لنقاط الاختلاف، إضافة إلى أن اختلاف الآراء يؤدى أحياناً إلى العنف اللفظى، والتناحر، والتنافر، والخصام بين الطرفين المختلفين فكريا.
إن جيل الكبار عليهم تقع المسئولية الوطنية والاجتماعية والدينية والثقافية فى احتواء الشباب فكريا» من خلال ما يلى:
1- إعادة النظر فى المقرر التثقيفى ومقررات حقوق الإنسان التى تدرس فى الجامعات المصرية، والتى تختلف فى مضمونها وامتحاناتها من جامعة لأخرى، ومن كلية لأخرى داخل الجامعة الواحدة، بحيث تشمل أبعاد الأمن الثقافى المتمثلة فى: مفهوم صحيح الدين، واللغة، والتراث، والانتماء، بالإضافة إلى الثقافة الدستورية والقانونية البسيطة، وثقافة الاختلاف، وحقوقك وواجباتك.
2- إعداد برامج تثقيفية دينية تطبق طوال العام الجامعى باستثناء الامتحانات، يشرف عليها الأزهر الذى ينشر الدين الوسطى فى كل ربوع العالم، أسوة بما يتم فى المؤسسة العسكرية، لحماية الطلاب ووقايتهم من أصحاب الفكر المتطرف وتوعيتهم بأنهم ليسوا غرباء عن مصر، ومن واجبهم التصدى للفوضى والهدم حفاظا على وطنهم مصر.
3- على القيادات الجامعية من رؤساء الجامعات وأمنائها وعمداء الكليات ووكلائها، زيارة شباب الجامعات فى مدرجاتهم ومعاملهم، ومقر سكنهم فى المدن الجامعية، للتعرف على مشكلاتهم التعليمية، حتى لا ينساقوا إلى دعوة المحرضين للمظاهرات والإضرابات، وحتى يتم تجنب ظهور الأزمات.
4- أن يتم توزيع الخريجين من شباب الجامعات على مراكز التدريب فى المحافظات، من خلال وزارة الشباب كما هو مطبق فى كوريا الجنوبية، لإعدادهم للعمل فور الانتهاء من بناء المصانع، وبذلك يشعر الشباب أنهم جزء من حل المشكلة وليسوا جزءاً من المشكلة.
5- تنمية «ثقافة حب القراءة»: وذلك بتوفير الصحف اليومية فى مكتبة الجامعة، وفى مدخل كل كلية وبجوارالكافتريا، ليتعرف الشباب على الاحداث الجارية والقضايا المجتمعية، من منطلق أن من 60% إلى 70% من شباب الجامعات المصرية لايقرأون الصحف (ليس لأنهم لا يرغبون ولكن لأن الجريدة غالية بالنسبة لهم).
6- وجود استراتيجية أمنية واجتماعية متكاملة لمراقبة الأعلام الإلكترونى الفوضوى، مع الأهمية بالتركيز على رموز المجتمع المحبوبين من الشباب عبر الإنترنت، ومحاولة عرض وطرح الأفكار النيّرة والرائدة، وكذلك تعزيز جانب الحوار والتعرف على ما لديهم من أفكار واتجاهات، وهذا لن يأتى من خلال خطاب استعلائى أو توجيهي، لكن من خلال حوار يتناسب معهم، فى ظل وجود مساحة من الحرية.
نحن بحاجة إلى الاحتواء الفكرى لجيل الإنترنت والموبايل والنانو تكنولوجى، وإقناعه بالحجة والمنطق، حتى لا يتركون «نهباً» لتجار المخدرات وتجار الدين وتجار السياسة.
[email protected]