ولضمان عدم تكرار تجارب سلبية سابقة علي طريق مصر الاسكندرية الصحراوي الذي يعاني من الحفر العشوائي للابار. يجب الالتزام بمجموعة من الإجراءات الصارمة
تثار ما بين الحين والآخر تساؤلات عن مشروع المليون ونصف مليون فدان ربما من اهمها ما يتعلق باستدامة المياه الجوفية لإعتماد المشروع عليها بنسبة 88%، وتأثيرها علي الاستثمارات التي سيتم اقامتها وسط الصحراء وكيف لانجور علي حق الاجيال القادمة. وهو ما دعا وزارة الموارد المائية والري إلي عقد ندوة تعريفية بالمشروع الاسبوع الماضي، حضرها عدد كبير من المتخصصين ووسائل الاعلام والمسؤولين عن المشروع من الجهات المختلفة. وكانت فرصة جيدة للنقاش حول كثير من الآراء المتعلقة بالمشروع ونجحت الندوة في تبديد بعض المخاوف التي اثيرت بخصوص استدامة المياه.
اهم المخاوف المثارة تدور حول السحب الجائر من الخزان الجوفي بمعدلات تفوق معدلات السحب الآمنة من الآبار، واستخدام الطلمبات العملاقة ذات معدلات السحب العالية قد يؤدي إلي تأثر الآبار وحدوث انخفاض كبير في مناسيب المياه الجوفية داخل الآبار يؤدي إلي الزيادة في استهلاك الطاقة، واستمرار السحب علي مدار العام بمعدلات ثابتة ودون توقف مما يؤدي إلي استمرار الهبوط في مناسيب المياه الجوفية وعدم إعطاء الخزان الجوفي الوقت الكافي لاستعاضة ما تم سحبه من المخزون الجوفي.
كما ان تحقيق استدامة المشروع ليس مرهوناً فقط بتوافر المياه الجوفية وإنما بتوافر الطاقة المطلوبة لرفع المياه من باطن الأرض وتوصيلها إلي النبات من خلال شبكات الري بالرش أوالتنقيط. وحيث ان الطاقة التقليدية محدودة، لا تمتلكها مصر بوفرة ونستوردها من الخارج، بالاضافة إلي التغير المستمر في السعر السوقي للوقود الأحفوري بالإضافة إلي التأثيرات البيئية السلبية لها مثل الانبعاث الحراري، لذلك ولضمان استدامة المشروع لابد من الاعتماد علي الطاقة الشمسية التي تمتلكها مصر وذلك للأسباب التالية: هي طاقة نظيفة ليس لها أية آثار بيئية سلبية ولكونها طاقة متجددة، كما ان استخدام الطاقة الشمسية في تشغيل الآبار ليس برفاهية وإنما هو ضرورة حتمية لتأمين مصدر الطاقة من مواردنا الطبيعية وكبديل مستدام لتفادي المشاكل التي تنجم عن نقص الوقود الأحفوري والمحتمل تفاقمها مستقبلاً.
وقد انتهت وزارة الموارد المائية والري من حفر وتجهيز حقل آبار مكون من خمسين بئراً بمنطقة توشكي وتزويدها بطلمبات تعمل بالطاقة الشمسية، مع أجهزة قياس مناسيب داخل الآبار، بالإضافة إلي تحديد كميات المياه المسحوبة من البئر خلال فترة سطوع الشمس، ويتم نقل هذه البيانات اتوماتيكيا من خلال شبكة ذكية للاتصالات، وبجوار كل بئر هناك كاميرات تنقل صور مباشرة من الموقع إلي غرفة التحكم والمراقبة بمنطقة المشروع بأبي سمبل وغرفة رئيسية اخري بمقر الوزارة بالقاهرة.
وتفيد هذه الادارة الذكية للآبار في إتخاذ الاجراءات الوقائية المناسبة للحفاظ علي إستدامة المخزون الجوفي، مثل تشغيل الآبار بالتناوب او تقليل معدلات السحب منها إذا تطلب الامر، كما يتم استخدام هذه البيانات تلقائيا وخلال فترة زمنية وجيزة في معايرة النماذج الرياضية التي تم اعدادها لإدارة الخزان الجوفي بمناطق مشروع المليون ونصف المليون فدان، كما أن مثل هذه التقنية تقلل من احتمالية حدوث أخطاء في قياس مناسيب المياه الجوفية، وتوفر تكاليف المرور الدوري علي الآبار.
ولضمان عدم تكرار تجارب سلبية سابقة علي طريق مصر الاسكندرية الصحراوي الذي يعاني من الحفر العشوائي للابار. يجب الالتزام بمجموعة من الإجراءات الصارمة في جميع المجالات ذات العلاقة بإدارة المياه لتحقيق تلك الاستدامة، وهي تتضمن قيام وزارة الموارد المائية والري بتصميم حقول الآبار المقترحة للمشروع، بما فيها عدد الآبار بكل منطقة والمسافة البينية بين الآبار وعمق البئر والتصريف اليومي المسموح به من البئر. مع احتفاظ الوزارة بالحق في مراقبة وتقييم الخزان الجوفي وتغيير معدلات السحب من الآبار إذا تطلب الأمر، وتشغيل الآبار بالتناوب وذلك لمنح الخزان الجوفي الفرصة لاستعاضة ما يتم سحبه من المخزون، وتفادي التشغيل المستمر للآبار أو زيادة عدد ساعات التشغيل للبئر عن 8 ساعات في حال استخدام المولدات الكهربائية أو الربط بالشبكة القومية للكهرباء، وضع نظام مراقبة لمناسيب المياه الجوفية ونوعيتها لاتخاذ الإجراءات الوقائية المناسبة التي تضمن استدامة المخزون الجوفي، وتحديد المقننات المائية المسموح بها بناء علي نتائج تقييم هذا المخزون وليس اعتماداً علي ما تقرره الجهات المستفيدة من المياه.
ربما كانت تجارب الماضي احد اسباب القلق لدي البعض ومن هنا كانت ضرورة مراعاة دروس الماضي واستيعابها لضمان عدم العشوائية في كافة مراحل المشروع ليكون مشروعا تفخر به الأجيال.
حفظ الله مصر وشعبها ونيلها من كل سوء
وزير الموارد المائية والري