حزب الله وحده هو المسئول عن ذلك السقوط الذريع، والتحول الدرامي في المواقف، بعد أن فقد صفة «المقاوم «ودخل «خانة الإرهابي»

عشر سنوات فقط فاصلة، كانت كفيلة بتحويل حزب الله من جماعة مقاومة، فخر لكل عربي قبل أن يكون لبنانيا، إلي ميليشيا إرهابية، لا تختلف كثيرا عن داعش أو تنظيم القاعدة. في العام 2006 صمد الحزب في مواجهة الجيش الإسرائيلي لأسابيع، هي أطول بين الحروب العربية الإسرائيلية، وتحمل الشعب اللبناني فواتير المواجهة برضا تام، رغم أنها نالت من بنية لبنان التحتية واقتصاده، ليس في الجنوب ولكن في كل المدن، ومنها العاصمة بيروت، وفي 2016 وصل الأمر إلي أن يقوم وزراء الداخلية والخارجية العرب، بتصنيف ميليشيا حزب الله كجماعة إرهابية، ومن قبلها في العام 2000 حقق الحزب انجازا تاريخيا، عندما أجبرت عملياته في جنوب لبنان قوات الاحتلال الإسرائيلي علي الانسحاب، وتم إعلان الجنوب محررا، يومها أضاع «السيد» كما يطلق اللبنانيون علي الشيخ حسن نصر الله، فرصة دخول التاريخ من أوسع أبوابه، ورفض نداءات الطبقة السياسية، بانضمام عناصر المقاومة في حزب الله إلي الجيش النظامي، جيش الدولة اللبنانية، وفضل «السيد» الإبقاء علي قواته كجناح عسكري لحزب سياسي.
الطريق إلي السقوط طويل داخليا وخارجيا، وكانت أولي تلك الخطوات في عام 2005، يومها كان لبنان علي موعد مع زلزال اغتيال رئيس الوزراء الأشهر رفيق الحريري، حيث مازالت الدولة اللبنانية تعاني من توابعه حتي الآن، ومع استشعار الجميع للخطر علي الدولة والكيان، وتم الاعتراف بحزب الله جزءا من النظام، بعد التحالف الرباعي الذي ضمه مع تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري، والحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط، وحركة أمل برئاسة نبيه بري رئيس البرلمان اللبناني، وتشاركت الأطراف الأربعة في الحكومة التي رأسها فؤاد السنيورة، وحصل علي أول مكاسب سياسية، عندما وافق التحالف الرباعي علي برنامج الحكومة، والذي تضمن معادلة «الجيش والشعب والمقاومة» وكان ذلك يعني إضافة الشرعية علي المقاومة، ومساوتها بالجيش اللبناني، رغم أن جبهة الجنوب مع إسرائيل أغلقت بعد القرار 1701، ولم يعد هناك مبرر للاحتفاظ بميليشيا عسكرية، وقوة موازية للجيش. الوزارة لم تصمد طويلا، عدة أشهر فقط ليخرج الحزب مع حركة أمل، احتجاجا علي موافقة الحكومة علي القرار الدولي، بتشكيل لجنة تحقيق ومحكمة دولية، للبحث في قضية اغتيال الحريري، الذي ظهر فيما بعد، تورط اربعة عناصر من حزب الله في الجريمة.
الوجه القبيح للحزب ظهر في مايو 2008، عندما ظهرت مشكلة داخلية في لبنان، تم حسمها بقوة ميليشيات الحزب، التي استولت علي العاصمة بيروت، وبدأت سلسلة التنازلات من القوي السياسية اللبنانية، عندما وافقت علي اتفاق الدوحة، وبنصه علي الثلث المعطل، والذي تعاني منه الدولة حتي الآن، الوجه القبيح ظهر أيضا، عندما أصبح الحزب مسئولا عن الفراغ الرئاسي، بإصراره علي معادلة إما «ميشيل عون رئيسا أو الفراغ»، ويصر أعضاؤه في البرلمان، ومعهم انصار عون عن التغيب عن الجلسات المخصصة، للاستفتاء علي اسم رئيس الجمهورية، والتي وصلت إلي 36 وآخرها منذ أيام.
سقوط حزب الله لم يكن لبنانيا فقط، فقد تجاوز حدود الدولة إلي قبوله بأن يكون أحد أدوات المشروع الإيراني في المنطقة، وقادتها يتحدثون علنا عن سيطرتهم علي أربع عواصم عربية ومنها بيروت، دون كلمة تحفظ، وآخر مظاهر هذا السقوط خطاب «السيد» نفسه منذ أيام، عندما تحدث عن «المعركة التي يخوضها ستحدد مصير المنطقة ومنها لبنان»، ما هي هذه المعركة؟ ومن كلفه بها؟ وكنا في زمن سابق، نعرف أنه يقصد إسرائيل، التي تراجع الاهتمام بها تماما. هو يعتبر نفسه وحزبه عابرا للدول، متجاوزا للحدود، يعطي لنفسه الحق في التدخل في شئونها، وهذا ما يفسر مشاركة قواته بالقتال دفاعا عن الأسد، في مواجهة الشعب السوري. في الخطاب نفسه يتحدث عن أن «المصلحة القومية للبنان، تقتضي عدم السكوت عن ما يحدث في اليمن» «ويعتبر ان الشعب اليمني يتعرض لمظلومية غير مسبوقة». هو موجود حيثما وجدت مصالح إيران، والتي تشير التقارير إلي أنها تدعم الحزب سنويا بـ200 مليون دولار، هو احد اذرع الحرس الثوري ومخططاته للتخريب في دول الخليج، بتدريب عناصر شيعية متطرفة، كما هو الحال في البحرين، في تهريب اسلحة ومتفجرات، وفي القيام بعمليات إرهابية وتجسس كما هو الحال في السعودية.
أهلا بحزب الله أحد مكونات لبنان السياسية، بدون ميليشيا عسكرية، أو أحد أدوات إيران في المنطقة.