بعد طول انتظار تم التعديل الوزاري. لم تكن المفاجأة في الوزراء الذين تركوا الحكومة، بل في بعض الوزراء الذين احتفظوا بمواقعهم!!
التغيير الأساسي كان في وزراء المجموعة الاقتصادية. المفروض أن التغيير يحقق الانسجام والتوافق بين وزراء المجموعة لتنفيذ السياسة العامة للحكومة، ولكن.. ما هي هذه السياسة؟! هذا هو السؤال الذي ينبغي أن تكون اجابته واضحة، ولا أعرف إذا ماكنا سنسمعها من رئيس الحكومة في بيانه أمام البرلمان بعد غد، أم تظل الاجابة غائبة!!
في غياب السياسة العامة لن نستطيع الحكم علي أداء أي وزير. وقد رأينا قبل ذلك قرارات تصدر عن الحكومة ثم يتم الغاؤها، وصراعات بين وزراء أدت إلي نتائج سلبية. وجرأة من جماعات الضغط لاستغلال هذه الخلافات في فرض قرارات لصالحهم، أو الغاء قرارات بعد صدورها. كما حدث في البورصة، وفي المواجهات مع أكثر من «لوبي».. بدءا من استيراد اللحوم والأغذية، وحتي «لوبي» الحديد والاسمنت وغيرها.
وفي غياب السياسة العامة كانت الخلافات حول السياسات المالية والنقدية، وتضارب القرارات الذي ألحق بنا الكثير من الأضرار. لكن الأهم أن وجود سياسة عامة ليس فقط أمرا ضروريا لانجاز الحكومة، ولكنه أمر لابد منه لكي يكون هناك توافق عام علي هذه السياسة وهو العنصر الأساسي في نجاحها.
وهذا التوافق لابد أن يكون بعد حوار وطني يعرف فيه الجميع أبعاد الأزمة التي نمر بها، والميراث الثقيل الذي نتحمله من فشل يمتد لأكثر من ثلاثين عاما، حوار تتضح فيه الأهداف المطلوبة، والوسائل لتحقيقها، والأعباء التي علينا أن نتحملها.. والأهم كيف سيتم توزيع هذه الأعباء؟ وكيف نحقق المعادلة الصعبة. بعبور الأزمة، وبتحقيق قدر من العدالة الاجتماعية في نفس الوقت يحمي حقوق الأغلبية التي عانت كثيرا علي مدي أربعين سنة من «الانفتاح السبهللي»، الذي ترك الخراب في كل مؤسسات الدولة كما أكد الرئيس السيسي أكثر من مرة.
المطلوب أن نعرف إلي أين نسير؟ وأي طريق نختار لعبور الأزمة المؤقتة وبناء النهضة التي نملك كل مقوماتها؟ فلننتظر برنامج الحكومة أمام البرلمان حتي تكتمل الصورة، وحتي نعرف ما هي السياسة التي جاء هذا الفريق الوزاري لتنفيذها.. أو هكذا نأمل، حتي نستطيع المناقشة، أو نجد الاجابات علي الكثير من الاسئلة المصيرية.