المشهد الأكثر بؤسا ووجعا في اقتحام وحصار الأمن لنقابة الصحفيين خلال اليومين الماضيين، هو مشهد البلطجية والنساء الرداحات والشراشيح الذين قامت الشرطة باستدعائهم (كقوات إضافية) للنيل من الصحفيين وسبهم والتحرش بهم، في مشهد رمزي يستعيد منهجية (موقعة الجمل)!... كان الدخول إلي شارع عبد الخالق ثروت (حيث مبني نقابة الصحفيين) المحاصر بكردون أمني من بداية شارع رمسيس، مسموحا فقط للصحفيين، وتحديدا الصحفيين حاملي كارنيه النقابة، أو البلطجية من الرجال والنساء محترفات السب والردح، في مشهد يستعيد صورة (خالتي فرنسا) في فيلم عبلة كامل!... منع الأمن وفود نقابات الأطباء والمحامين والمهندسين والصيادلة والأحزاب السياسية والقوي المدنية من الدخول إلي مبني نقابة الصحفيين، منعهم حتي من تجاوز الكردون الأمني، بينما سمح طبعا للبلطجية بالمرور، مجاهرا دون خجل، بأحط أدوات العنف التي يقوم باستخدامها، وأكثرها كراهية من جموع الناس.. هؤلاء من وصفهم الكواكبي في طبائع الاستبداد ( كلما كان المستبد حريصا علي العسف، احتاج إلي زيادة جيش الممجدين العاملين له، والمحافظين عليه، واحتاج إلي الدقة في اتخاذهم من أسفل السافلين، الذين لا أثرعندهم لدين أو وجدان).
لكن لماذا يستخدم الأمن البلطجية والخارجين علي القانون ؟ لماذا يهبط بصورة رجل الأمن (من يحفظ القانون ويصونه) إلي صورة البلطجية (الخارج علي القانون) ؟ وبدلا من عقيدة أمنية دورها هو خدمة المواطن وحمايته ورعاية مصالحه وحقوقه والمحافظة عليها، أصبح التركيز علي الأمن السياسي وملاحقة المواطن ومراقبته وتأديبه أيضا، بما يستدعي حضور أدوات العنف من البلطجية!