وسط المحاولات الجارية للبحث عن الجاني المسئول عن سلسلة أو موجة الحرائق، التي اشتعلت في القاهرة وبعض المحافظات خلال الأيام القليلة الماضية، والتي لا تزال تندلع حتي الآن في بعض الأماكن والمنشآت، حاملة معها الكثير من علامات الاستفهام المشبعة بمشاعر القلق العام،...، هناك حقيقة لابد من ادراكها والتعامل معها بكل الشفافية والجدية والاهتمام، اذا ما اردنا حقا وصدقا وضع ايدينا علي موطن الداء، ووضع نهاية لهذه الجرائم المتكررة التي اصابت عموم المواطنين بالقلق والتوتر.
ودون استباق لنتائج التحقيقات القائمة الآن تحت اشراف النيابة العامة، نستطيع القول بأن المسئولية وراء هذه الجرائم تكاد تنحصر في أمرين اثنين، أولهما هو التدبير الجنائي بفعل فاعل، وثانيهما هو ارجاع المسئولية فيما حدث إلي عوامل غير مدبرة، مثل الماس الكهربائي أو «عقب سيجارة»، أو ما شابه ذلك من الأسباب التي جرت العادة علي اللجوء إليها وتعليق الاتهام في رقبتها.
وفي هذا الخصوص، وسواء تأكدت المسئولية في هذه الجرائم إلي أي من العاملين، رغم الفارق الكبير بينهما، فإن الحقيقة غير الغائبة عنا جميعا في هذه المسألة، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، وجود مجرم آخر أشد ضراوة وأشد ضررا من الكل، وأن هذا المجرم يساهم بقدر كبير في هذه الجرائم، ويساعد ويسهل وقوعها في كل موقع وكل مكان.
وقد قلنا من قبل ونكرر الآن، أن هذا المجرم هو حالة الإهمال والتسيب وعدم الانضباط المستشرية في كل الأماكن وجميع المؤسسات والهيئات، المسئولة عن التحقق من توافر شروط الأمن الصناعي والوقاية من الحريق، في جميع المنشآت والأماكن المعرضة للحريق في أي حي وأي محافظة وأي مدينة من مدن الجمهورية،...، هذا فضلا عن كل الشركات والمصانع وغيرها في كل المحافظات.
أما عن السؤال الخاص بمن المسئول عن مراجعة ذلك والاشراف عليه ومتابعته،...، فالاجابة محددة وهي ان كل المحافظين ورؤساء الاحياء ورؤساء المدن سواء في العاصمة أو غيرها من المحافظات هم المسئولون ولا أحد غيرهم،..، ومعهم بالطبع المسئولون عن الأمن الصناعي في كل المناطق التابعة لهم،...، هؤلاء هم المكلفون بغلق الطريق أمام امكانية حدوث الحرائق، لو قاموا بواجبهم وقضوا علي الاهمال.
«وللحديث بقية»