أنا معجب بهذا الرجل، وأري فيه نموذجاً للضابط المصري المنضبط، الذي يؤدي واجبه نحو وطنه بتفانٍ ولو علي حساب نفسه. هذا الرجل كان موجوداً في كل المشروعات العظيمة التي أنجزتها مصر في عصر السيسي. كان مشرفاً علي حفر قناة السويس الجديدة، وأنجزها في عام واحد مؤكداً أن المصريين فراعنة حقاً، إذا أرادوا فهم يستطيعون تحقيق المستحيلات. وكان وراء إنجاز تطوير شرق التفريعة في زمن قياسي، صحيح أن الإرادة السياسية كان لها دور، وأن إدارة الفريق مهاب مميش كان لها دور، لكن يبقي رغم هذا قدرة كامل الوزير علي التوفيق بين الإرادة السياسية والأوامر الإدارية من ناحية، وبين الجوانب الهندسية والتكنولوجية من ناحية أخري، ولولا هذه القدرة ما تحققت الأهداف المرجوة، في الوقت المحدد
كان كامل الوزير موجوداً خلف مشروع استصلاح العشرة آلاف فدان الذين بدأ بهم مشروع المليون ونصف المليون فدان الجدد، وكان موجوداً في المشروعات الاثنين والثلاثين التي افتتحها الرئيس أخيراً، وكان مسئولاً عن إنجاز آلاف الكيلومترات من الطرق، وعشرات الكباري، وهو موجود خلف مشروع مجموعة الأنفاق الذي يتم حالياً لربط شرق القناة بغربها. اللواء الوزير له دوره أيضاً في مشروعات المدن الجديدة، ورأيناه مع رجاله في موقع مدينة الجلالة وهم يشقون الصخر ويحولون الجبال إلي مدينة. حتي مشروع المحور الجديد الذي يربط مدينة أكتوبر بمنطقة شبرا، يقف وراءه اللواء الوزير. إنه رجل لايعرف الراحة، ومن المؤكد أن هذا الكم الهائل من المهام الكبري يحرمه من كل متع الحياة، من زيارة أسرته، من ارتداء الزي المدني، بل من الاستمتاع بأجازة ولو قصيرة مثل بقية خلق الله.
هذا الرجل يذكرني باثنين من الضباط المهندسين الذين سجلوا أسماءهم بحروف من نور في تاريخ مصر الحديث، أولهما : علي مبارك، وهو فلاح من الدقهلية مثل كامل الوزير، أتاحت له الظروف أن يكون زميلاً للأمير إسماعيل (الخديو إسماعيل فيما بعد) أثناء البعثة التي أرسلها محمد علي إلي باريس سنة 1844، ولأن إسماعيل كان صغيراً ويحتاج لمن يقويه هو وبقية الأمراء في بعض العلوم، فقد قام علي مبارك بمهمة تعليمهم، إلي جانب دوره كطالب في البعثة، فلما تولي إسماعيل حكم مصر لم ينس أستاذه وزميله القديم علي مبارك، وجعله شريكاً في تحقيق حلمه « مصر قطعة من أوروبا «. ولم يضيع علي مبارك الفرصة، بل كان نعم السند والعون، ولايمكن أن تذكر مشروعاً واحداً من المشروعات الكبري التي تحققت في عهد إسماعيل دون أن تذكر علي مبارك. فهو الذي غير مجري نهر النيل بعد أن كان يسير من ناحية بولاق، ليكون في مجراه الحالي كما طلب المهندس الفرنسي الذي خطط القاهرة، وهو الذي أشرف علي إنشاء الكباري العظيمة، مثل كوبري قصر النيل، وكوبري أبي العلا، وأشرف علي إدخال الغاز والماء النقي إلي القاهرة، وأنشأ ميدان الإسماعيلية ( التحرير حالياً) بعد أن كان موضعه مقابر. أما دوره في السكك الحديدية فيحتاج لمقال وحده
المهندس الثاني الذي يذكرني به كامل الوزير هو صدقي سليمان، وهو ضابط أيضاً، ولعب الدور الأساس في بناء السد العالي.
إن هذا النوع من الرجال الذين جمعوا بين الهندسة والانتماء للمؤسسة العسكرية المصرية، يستحقون منا كل تقدير واحترام.
وإذا كان لي أن أقدم اقتراحاً للرئيس السيسي في ختام مقالي، فأنا أقترح عليه أن ينشئ وزارة للأشغال تكون مسئولة عن تنفيذ المشروعات الحكومية، ويتولاها كامل الوزير، ويصحب معه فيها من يشاء من مساعديه في الهيئة الهندسية، وبهذا يكون الرجل وزيراً مدنياً مثل بقية الوزراء، بدلاً من حديث بعض المغرضين عن عسكرة الدولة، وقولهم إن كل المشروعات تتم من خلال القوات المسلحة. تري هل هذا ممكن ؟