خبراء: مبادرة الرئيس بـ«إعلان القاهرة» جاءت لحقن دماء الليبيين.. وعلى المجتمع الدولي التحرك

الرئيس خلال الإعلان عن المبادرة
الرئيس خلال الإعلان عن المبادرة

أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس السبت، عن مبادرة سياسية مشتركة وشاملة لحل الصراع في ليبيا، وذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك مع قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح في القاهرة .

 

وقال الرئيس السيسي إن "المبادرة تدعو إلى وقف إطلاق النار اعتبارا من الاثنين 8 يونيو، وإلزام الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها، بجانب استكمال مسار اللجنة العسكرية 5+5 في جنيف"، كما تهدف المبادرة إلى ضمان تمثيل عادل لكافة أقاليم ليبيا الثلاث، في مجلس رئاسي ينتخبه الشعب تحت إشراف الأمم المتحدة، للمرة الأولى في تاريخ البلاد.

 

وقال إن "المبادرة ستكون بداية لمرحلة جديدة نحو عودة الحياة الطبيعية والآمنة في ليبيا"، موضحا أن خطورة الوضع الراهن في ليبيا تؤثر على الوضع الإقليمي، ومحذرا من التمسك بالخيار العسكري في ليبيا .

 

علق اللواء سمير راغب، رئيس المؤسسة العربية للدراسات الإستراتيجية، على المبادرة قائلا: إنها تعبر عن رؤية وثوابت السياسية الخارجية المصرية منذ بدء الأزمة الليبية، وهي التسوية السياسية والانتقال السلمي للسلطة عبر مسار دستوري، يضمن وحدة وسلامة وتكامل الأراضي الليبية .

 

وأضاف أن الرئيس السيسي أعلن عدة مرات موقف مصر الثابت تجاه القضية الليبية، وتأكيده دائما على التسوية السياسية بعيدا عن أي تدخل خارجي، وما أعلنه الرئيس أمس يمثل إطار عمل وخارطة طريق للتوصل إلى تسوية على أساس التفاعل الداخلي، للخروج من حالة الصراع الدائر في ليبيا .

 

وأوضح «راغب» أن المبادرة فرصة للجميع للخروج بتسوية تعتمد على التفاعل والتعاون الليبي الداخلي، وليس على التواجد الأجنبي، كما أنها تتوافق مع مبادرة رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، المعلن عنها في أبريل الماضي، والتي لم تحظ بإجماع كافة الأطراف حينها بسبب تزامنها مع "التفويض الشعبي" لإدارة شؤون البلاد الذي أعلن عنه قائد "الجيش الوطني الليبي" المشير خليفة حفتر .

 

وأشار الخبير العسكري إلى أن المبادرة تتضمن انتقالا سلميا يشمل جميع الليبيين وتوزيعا عادلا للثروة والسلطة، بالإضافة إلى الاعتراف بكافة القرارات الأممية والدولية ذات الصلة، ولكن تحتاج المبادرة إلى حشد قوى دولية وتمريرها بقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي حتى تكون قابلة للتطبيق.

 

وعن السيناريوهات المتوقعة حال عدم قبول المبادرة، أكد «راغب» أن البدائل المتاحة هي استمرار الصراع العسكري والتدخل العسكري الخارجي وفي مقدمته التركي، مع مواصلة تحول ليبيا لبؤرة جاذبة للميلشيات والإرهابيين والقوى الأجنبية، مشددًا على أن رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج ليس سيد قراره لأن القرارات تتخذ بالتوافق ما بين المليشيات الإرهابية المسيطرة على طرابلس ويتم اعتمادها من أنقرة، ولذلك فإن حكومة الوفاق والمليشيات الإرهابية التابعة لها، مستفيدة من الصراع وتسعي لاستمراره  .

 

ومن جانبه ، أكد اللواء أركان حرب ناجي شهود، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، أن مصر حملت القضية الليبية على عاتقها، وقدمت كل ما يمكن تقديمه من دعم للجانب الليبي والقوات المسلحة الليبية، وتواصلت القيادة السياسية المصرية مع مختلف دول العالم من أجل التوصل لتسوية سياسية شاملة في ليبيا، وما تطرحه مصر الآن يأتي حقنا لدماء الليبيين وحفاظا على وحدة الأراضي الليبية .

 

وأضاف «شهود» أن القادة الليبيون اتفقوا مع الرئيس السيسي على أن الحل السياسي هو الأمثل من أجل التوصل لتسوية سياسية شاملة في ليبيا، لأن التدخلات العسكرية تتسبب في خسائر كبيرة، وتؤثر على دول الجوار والمحيط الإقليمي والدولي، وما يحدث الآن في ليبيا يهدد الدولة .

 

وأوضح مستشار أكاديمية ناصر العسكرية، أن الحل الآن أصبح في يد الشعب الليبي، لإحباط مخطط الجانب التركي الذي يسعى إلى فرض سيطرة الإخوان في ليبيا، طمعا منه في إحياء الإمبراطورية العثمانية، والتي حاولت تركيا من قبل تحقيقها في سوريا والعراق واليمن ولكنها لم تفلح، كما سعت أيضا إلى ذلك في مصر ولكن الشعب المصري بوعيه والتفافه خلف قيادته السياسية وجيشه الوطني استطاع إحباط ذلك في ثورة 30 يونيو المجيدة .

 

وشدد اللواء ناجي شهود، على أهمية الجدول الزمني للفترة الانتقالية التي جاءت في «إعلان القاهرة 2020»، ووقف إطلاق النار بشكل كامل بين جميع الأطراف بدءا من غد الاثنين، محذرا من مرور الوقت لأن الجانب التركي يحسن أوضاعه على الأرض، والجيش الليبي يعمل على تطهير أرضه، ولكن تركيا تسعى بالتعاون مع السراج إلى تنفيذ مخطط تقسيم ليبيا الذي بات واضحا للجميع، ويتم ذلك بمباركة بعض الدول التي لا تريد الخير للمنطقة وتريدها دائما على "صفيح ساخن"، وعلى الشعب الليبي أن يلتف خلف جيشه وينتبه إلى هذا المخطط الشيطاني .

 

وحول إمكانية تدخل مصر عسكريا في ليبيا، أكد «شهود» أن مصر لا يمكن استدراجها في أي ميدان أو مجال ليس في مصلحتها، ومصر لن تقترب من الأراضي الليبية، ولكنها تحمي حدودها فقط، ومن يحاول الاقتراب من حدود مصر فقد كتب نهايته تحت أقدام خير أجناد الأرض .

 

وفي سياق متصل، قال اللواء محمد إبراهيم، نائب مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن الرئيس السيسي أكد عدة مرات في الكثير من المحافل أن استقرار ليبيا جزء لا يتجزأ من استقرار وأمن مصر، والمبادرة التي طرحها الرئيس تعدا بداية الطريق من أجل تسوية سياسية للأزمة الليبية برعاية الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، لتحقيق الاستقرار في ليبيا .

 

وأضاف «إبراهيم» أن مبادرة الرئيس تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه الأزمة الليبية، وذلك من خلال مطالبته بدعم المبادرة، التي تستبعد أي حل عسكري حفاظا على وحدة الأراضي الليبية .

 

وأوضح اللواء محمد إبراهيم، أن أهمية المبادرة تكمن في أنها لا تطرح سوى الحل السياسي الشامل والدائم والعادل للأزمة، بالإضافة إلى أنها تحدد توقيت ملزم لوقف إطلاق النار وخروج المرتزقة والميليشيات الأجنبية وتفكيك أسلحتها ودعم الجيش الليبي، وهو ما سيؤدي إلى استقرار الأوضاع في ليبيا وتوزيع عادل للثروات والسلطة .