في يوم المرأة التونسية..«الإرث والإعدام» مواجهة العلمانية والمحافظين

مواجهة العلمانية والمحافظين
مواجهة العلمانية والمحافظين

تظاهرات غاضبة وحالة من الجدل تشهدها تونس منذ أمس السبت، والسبب هو «تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة» الذي يحمل تحت طياته بنودا اعتبرها الرافضين مخلة بالتقاليد الإسلامية وهوية تونس بشكل عام.

وبالرغم من كون تونس تعيش بهوية علمانية منذ عهد الزعيم الحبيب بورقيبة، إلا أن مرورها بتغيرات اجتماعية ودينية إضافة إلى كونها أول دولة اندلعت شرارة ما عرف باسم الربيع العربي بها، إضافة إلى صدور دستور عام 2014 الذي شمل بند «الإسلام دين الدولة» الأمر الذي أراح المحافظين والأحزاب ذات الصبغة الدينية بينما أثار قلق المطالبين بفصل الدين عن الدولة وتشريع قوانين تجيز الحريات العامة التي يجد بها الأصوليين العديد من التحفظات.

ظلت الأمور تشهد حالة من التوتر بين الجانبين حول العديد من الأمور الاجتماعية والسياسية حتى أغسطس عام 2017، حيث قام الرئيس الباجي قايد السبسي بتشكيل لجنة وكلفها بإعداد تقرير يتضمن إصلاحات تشريعية متعلقة بالحريات الفردية والمساواة، إلا أن تلك الإصلاحات حملت العديد من البنود التي أثارت نوبة من الغضب والرفض كونها تختلف مع الهوية الدينية والعربية لتونس.

«الإعدام..المثلية الجنسية..الإرث»

حملت بنود الإصلاحات الجديدة التي يتبناها الرئيس التونسي، إجازة بعض الأشياء التي رأي البعض أنها تعتدي بصورة صريحة على نصوص الدين الإسلامي وتخالفه.

فقد طالب القانون بالمساواة في الإرث بين الذكر والأنثي في مخالفة واضحة للآية القرآنية من سورة النساء التي يقول الله تعالى فيها «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ»، وأثار ذلك البند حالة من الرفض وصلت إلى إعلان الأزهر الشريف رفض الأمر لتحديه أمر من أمور الله.

كما جاء الاعتراف بالمثليين جنسيا أيضا أحد البنود المثيرة للجدل مجتمعيا كون تونس مجتمع عربي لم يعتاد التعامل مع مثل تلك الأمور، بل ينظر لأصحابها باشمئزاز ويهمشهم.

كذلك جاءت الدعوة لإلغاء الإعدام أحد البنود التي رفضها المعارضين للقانون ككل، فقد رأوا في ذلك مخالفة للدين وأمر قد يجيز ويسهل ارتكاب الجرائم.

البنود كاملة

جاءت أهم توصيات لجنة الحريات الفردية والمساواة بتونس كالتالي:

- إقرار المساواة في الإرث بين الجنسين إما بشكل إلزامي أو بشكل اختياري.

- إلغاء الفصل 230 من القانون الجزائي الذي يجرم المثلية الجنسية، أو الإبقاء على التجريم مع غرامة مالية.

- إلغاء عقوبة الإعدام أو الإبقاء عليها في الحالات القصوى التي ينتج عنها الموت.

- تجريم الدعوة للانتحار والتحريض عليه.

- منع الكشوف الشرجية وإقرار حق الفرد في رفض أو قبول كل أنواع العلاج.

- تدقيق مفهوم الجرائم المتعلقة بالأخلاق الحميدة والمجاهرة بالفحش.

- إقرار ضمانات تشريعية لفرض احترام حرية الفكر والمعتقد والضمير بدون تمييز بين مختلف الديانات.

- تجريم كل تحقير لديانة الغير بغاية التحريض على العنف أو الكراهية أو التمييز مهما كان شكله.

- تجريم التكفير للغير.

- منع كل ادعاء زواج يكون خارجا عن الأشكال والصيغ القانونية.

- حرية الفنون والبحث العلمي.

- إلغاء التمييز في شروط منح الجنسية.

- إلغاء المهر في الزواج كونه يحط من قدر وكرامة المرأة.

- إلغاء العدة باعتبارها تقييدا غير دستوري لحرية زواج المرأة أو المحافظة عليها باستثناء عدة الفقدان وحالة الزواج دون دخول.

- إلغاء الإشارة القانونية إلى أن الحضانة شأن يخص المرأة.

- إلغاء التمييز في إسناد اللقب العائلي.

- المساواة في الضرائب المفروضة على الجنسين.

التظاهرات الغاضبة..«إلا كتاب الله»

وتحت شعارات كـ«إلا كتاب الله» و«سنحمي ديننا»، تظاهر الآلاف في تونس، أمس السبت، ضد تلك الإصلاحات، حيث جاء على رأس البنود المرفوضة المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، وعدم تجريم المثلية.

وهتف رجال ونساء رفع بعضهم نسخاً من القرآن قائلين «سندافع عن الإسلام بدمائنا»،  كما أطلقوا هتافات تطالب بسحب مشروع القانون، ورفعوا لافتات تدعو بضرورة تطبيق أحكام الشريعة في قوانين الميراث، واعتبروا أن الإرث «خط أحمر».

جاءت تلك التظاهرات تلبية لدعوة "التنسيقية الوطنية للدفاع عن القرآن والدستور والتنمية العادلة" التونسية والتي تضم جامعيين ورجال دين وشخصيات إسلامية.

الرئيس التونسي: «المساواة بين الجنسين ستصبح قانونا في بلادنا»

بمناسبة يوم المرأة التونسية، خرج الرئيس السبسي ليلقي كلمة متلفزة قال فيها، إن تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة ليس قانونا بل مقترحات قابلة للحوار، لكن بعض الأحزاب لم تستجب لذلك، مؤكدا أن الدستور ينص على أن تونس دولة مدنية تقوم على إرادة الشعب، فالمواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات.

وأضاف الرئيس التونسي، أن موضوع المساواة في الإرث تم حسمه وإحالته إلى مجلس النواب، متابعا المساواة بين الجنسين ستصبح قانونا في تونس.

إلا أن الرئيس التونسي أوضح أن مشروع القانون الجديد سيترك المجال مفتوحا أمام الاختيار في تطبيقه أو عدم تطبيقه، قائلا «بما أن رئيس الدولة هو رئيس الجميع ومن واجبه التجميع أكثر من التفرقة، فإذا كان المورث يريد تطبيق القوانين الشرعية فله ذلك، وإذا أراد تطبيق القانون فله ذلك أيضا».