«عفرين» السورية تواجه نوايا أردوغان الاستعمارية فى عملية "غصن الزيتون"

أردوغان وعبد الله أوجلان
أردوغان وعبد الله أوجلان

مثّل الصراع بين الأكراد وتركيا صراعنًا مزمنًا في الدولة التركية منذ عام 1984، فعمدت الحكومات المتعاقبة في بلاد الأناضول على شن حملاتٍ عسكريةٍ متواصلةٍ ضد المجموعات الكردية المسلحة المتواجدة جنوب شرق البلاد، تحت مسمى حزب العمال الكردستاني بزعامة عبد الله أوجلان الذي أسس الحزب عام 1978 بغية هدفٍ واحدٍ هو وطنٌ قوميٌ للأكراد تحت اسم "كردستان".

ذلك الحلم كما أرّق أجفان العراقيين والإيرانيين، مثّل هاجسًا كبيرًا للأتراك، فعمدت الحكومات المتعاقبة ، على وأد أي نزعات انفصالية للأكراد المنتشرين جنوب شرق البلاد.

حزب العمال الكردستاني ومسلحوه كانوا في مرمى أسلحة الجيش التركي دائما، كما صنفته أنقره على أنه تنظيمٌ إرهابيٌ، فتعبتها في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

عفرين..أرض جديدة للصراع مع الأكراد

لكن هذا الصراع المتأصل على الأراضي التركية وبالتحديد جنوب شرق البلاد أخذ منحنى جديدًا، بعدما تخطى حاجز بلاد الأناضول، ليعبر إلى الدولة السورية، الواقعة جنوب البلاد.

رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أعلن اليوم الأحد 21 يناير عبور القوات التركية الحدود إلى منطقة عفرين لتستهدف قوات حماية الشعب الكردية التي سلحتها واشنطن في شهر يوليو الماضي، كي تحارب ضمن قوات سوريا الديمقراطية إلى جانب التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، فى عملية أطلقوا عليها "غصن الزيتون"، إلا أنا تكشف النوايا الاستعمارية لأردوغان فى تركيا.

أمريكا تضع مقدمات الصراع

توتر العلاقات بين أنقره وواشنطن استمر طوال صيف العام الماضي، لتدفع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إقناع تركيا بأن عملية تسليح القوات الكردية سينتهي بمجرد انتهاء الحرب على تنظيم داعش، وأن الولايات المتحدة ستسترد الأسلحة مرة أخرى من الأكراد في سوريا.

بيد أن تصريحًا من وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس في أغسطس ألمح خلاله إلى إمكانية استمرار تسليح الوحدات الكردية إلى ما بعد انتهاء الحرب على داعش، أجج الوضع بين الجانبين.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان توعد حينها بالتصدي لأي خطرٍ قادمٍ إلى تركيا عبر حدودها الجنوبية، مؤكدًا أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تهديد أمنها القومي، موجهًا حديثه حينها للولايات المتحدة قائلًا "إنهم لن يخدعونا يإيهامنا بأن الأسلحة المسلمة للأكراد في سوريا سيتم استرجاعها".

وبدا أن أردوغان قد أدخل وعيده حيز النفاذ، بعدما بدأت قواته حملة "غصن الزيتون" بمنطقة عفرين شمال غرب سوريا.

مواجهات بين الجانبين

وعلى الأرض ، تدور المواجهات بين القوات التركية التي دخلت الأراضي السورية تحت هدفٍ معلنٍ هو محاربة الوحدات الكردية التي تعتبرها انقره امتدادًا لحزب العمال الكردستاني، والقوات الكردية المنتشرة في تلك المنطقة في البلد الذي تمزقه الحروب الأهلية منذ ما يناهز السبع سنوات.

رئيس الوزراء التركي أكد توغل القوات التركية في عمق عفرين نحو 30 كيلو مترًا، في حين قال بروسك حسكة المتحدث باسم الوحدات الكردية في عفرين إنه تم صد القوات التركية بعد اشتباكات ضارية مع فصائل المعارضة السورية، بينما تحدث نوري محمودي وهو مسؤول آخر من وحدات حماية الشعب الكردية عن أنه تم صد جميع الهجمات البرية للجيش التركي ضد عفرين حتى الآن وإجبارها على التراجع.

 

تهديد أردوغان                                              

المعركة أيضًا لم يكن الداخل التركي بمنأى عنها، فقد حذر الرئيس التركي مؤيدي المعارضة التركية الموالية للأكراد من الاحتجاج على العملية العسكرية في شمال سوريا قائلًا إن قوات الأمن ستتدخل إذا تظاهروا.              

وقال أردوغان "لتعلموا أنه أينما ذهبتم في الشوارع ستكون قوات الأمن في أعقابكم"، في إشارةٍ منه إلى أعضاء ثاني أكبر حزب في البرلمان وهو حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد الذي دعا لاحتجاجاتٍ تندد بالحملة العسكرية بعفرين.

وكان ذلك حينما كان أردوغان يتحدث أمام آلاف من مؤيديه في مدينة بورصا، بعدما دخلت القوات البرية التركية عفرين السورية اليوم الأحد ضمن عملية تشنها أنقرة مستهدفة القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة عند حدودها الجنوبية.

أردوغان أمام أنصاره توعد بأن يقضي على حزب العمال الكردستاني في تركيا، وحزب الاتحاد الديمقراطي، وقوات حماية الشعب الكردية في سوريا حتى لا يُبقي منهم أحدًا.

وقد قال قائد القيادة المركزية بالجيش الأمريكي الجنرال ،جوزيف فوتيل، إنه لا يعلم نوايا تركيا من عملية "غصن الزيتون" في مدينة عفرين السورية؛ إلا أنه يشعر بالقلق من تأثيرها على مكافحة تنظيم داعش.

نوايا أردوغان الغير معلنة هي المعضلة الأكبر في هجمات عفرين في الأراضي السورية، وذلك في وقتٍ ندد فيه الرئيس السوري بشار الأسد بالهجوم التركي داخل الأراضي السورية، معتبرًا أن تدخلها العسكري في سوريا ينبئ عن سياسةٍ منتهجة في دعم الإرهاب، حسب وصفه.