مصر «منورة» بشمسها.. «خلية» فوق السطح تضىء البيت والباقي بيعه للحكومة

الشمس أصبحت مصدر للرزق أيضا- تصوير : محمد نصر
الشمس أصبحت مصدر للرزق أيضا- تصوير : محمد نصر

طاقة نظيفة وآمنة.. مصدرها متوافر لدينا طوال أيام السنة..صديقة للبيئة على عكس المصادر الأخرى من المحروقات التي تحدث تلوثا.. تكلفتها منخفضة جدا إذا ما تمت مقارنتها بالفائدة العائدة من استخدامها، إنها الطاقة الشمسية المستقبل المشرق لمصر.

ومن شأن الطاقة الشمسية، أن تخفض بشكل كبير معدلات الاعتماد على الطاقة الكهربائية التقليدية، استغلالها على الوجه الأمثل، يجعلها أحد مصادر الدخل القومي المهمة، من خلال تحقيق الاكتفاء الذاتي محليا والاتجاه إلى تصدير الفائض إلى الدول الأخرى، خاصة أن الخبراء أكدوا أن هذه الطاقة يمكن اختزانها لفترات طويلة، وأنها لا بديل عنها فى المستقبل خاصة ان مصادر البترول ومشتقاته أوشكت على النضوب.


الاستثمار فى هذه الطاقة مربح جدا، وقد اهتمت الدولة بشكل كبير بالطاقة الشمسية وتحدث الرئيس فى اكثر من لقاء عن الاهمية القومية للطاقة الشمسية فى توفير طاقة كهربائية جديدة ونظيفة.

 وقال وزير الكهرباء د.محمد شاكر، إن الوزارة لديها خطة استراتيجية تستهدف وصول نسبة الطاقات الجديدة والمتجددة إلى 20% من مزيج الطاقة فى مصر حتى عام 2022، كما أن الحكومة سمحت للمواطنين بالاستثمار فى الطاقة الشمسية «حتى على أسطح المنازل» لاستخدامها فى استهلاكاتهم المنزلية، ولم تكتف بذلك بل شجعتهم اكثر وقررت ان تشترى منهم ما يفيض عن استهلاكهم بتعريفة محددة، تدر عليهم ربحا كبيرا.. أي أن الطاقة الشمسية بالنسبة للمواطنين «توفير فاتورة الكهرباء وبيع الباقى للحكومة».


«الأخبار» تناقش حاضر الطاقة الشمسية وتستشرف مستقبلها لكى تصبح مصر «منورة» بشمسها.


لم تعد الشمس مجرد مصدر للدفء، لكنها تحولت إلى مصدر رزق حقيقى للكثير من المواطنين، الذين أقبلوا على إنشاء الخلايا الشمسية المنزلية، ليصطادوا عصفورين بـ«خلية» واحدة، فهم يضيئون بها منازلهم ويوفرون احتياجاتهم من الطاقة، ويبيعون الفائض للدولة، بأسعار مربحة، تجعل من تلك الخلايا مشروعات اقتصادية ذات جدوى كبيرة، كما انشأ العديد من الشباب شركات صغيرة متخصصة فى الطاقة الشمسية تحولت إلى مشروعات تجارية ناجحة.


وتعتمد فكرة إنتاج الكهرباء وبيعها للحكومة على بيع الطاقة الناتجة من الخلايا الشمسية إلى شركة الكهرباء بتعريفة معينة يتم الاتفاق عليها مع الحكومة، حيث يمكن بناء محطة طاقة شمسية فوق أسطح المبانى السكنية كسخانات مياه وفى المجمعات السكنية الحديثة بأسطح «الفيلات» والعمارات.


يوضح احمد حمدى، صاحب شركة لإنتاج الطاقة الشمسية، إن محطات الطاقة الشمسية ثلاثة أنواع اثنان منها يمكن الاستثمار بهما وهما «الاون جريد» والذى يعتمد فى إنشائه على شبكات الدولة والتى تستخدم كـ «حصالة» للفائض الناتج من الطاقة المنتجة والنوع الآخر هو الذى يستخدم فى انظمة الرى الخاصة بالأراضى الزراعية.


ويضيف أن النوع الأخير هو « الأوف جريد» والذى نظرا لتكلفته المرتفعة فهو غير مجد اقتصاديا ولا يوجد إقبال عليه.


ويؤكد حمدي أن الإقبال على إنشاء محطات الطاقة الشمسية ازداد فى الآونة الأخيرة خاصة فى الأراضى الزراعية والتى تأثرت بالقرارات الأخيرة برفع الدعم عن الوقود مما اضطر أصحاب هذه الأراضى إلى استبدال انظمة الرى الخاصة بهم التى كانت تعتمد على الوقود إلى انظمة رى تعتمد على الطاقة الشمسية.


ويشير إلى انه برغم هذه الزيادة إلا أن سوق الطاقة الشمسية فى المجتمعات العمرانية يعانى بشدة وذلك بسبب الإجراءات الروتينية الصعبة التى تعرقل إنشاء مثل هذه المحطات بجانب أن التعريفة التى حددتها الحكومة لشراء الفائض من المحطات المنشأة غير مجز، ويجب رفع سعر التعريفة لتشجيع الشباب على عمل مثل هذه المشروعات.


مشروع اقتصادي


ويقول محمود المغربى، صاحب شركة لخدمات الطاقة الشمسية، إن إنشاء محطات تعتمد على الطاقة الشمسية مشروع اقتصادى مربح جدا بجانب انه يساعد فى حل مشاكل الطاقة الكهربية
ويضيف أن الجميع ينظر للتكلفة العالية لإنشاء محطات الطاقة الشمسية دون النظر للفوائد الكثيرة التى ستعود من هذه المحطات ، وترفع أعباء مالية كثيرة عن كاهل المواطنين وتوفر أموال طائلة للمواطن والدولة ايضا..


ويوضح أن الدليل على ذلك هو أن المحطة الواحدة سعة 6 كيلو وات لليوم الواحد تتكلف ما يقارب 120 ألف جنيه وإذا نظرنا لاحتياجات المنزل الواحد والتى بالكاد تصل إلى 4 كيلو وات فى الصيف وقابله للنقصان فى الشتاء فهناك 2 كيلو وات فائضا وبنظام «الاون جريد» فهذا الفائض يتم بيعه للدولة بسعر 140 قرشا.. ويشير إلى انه أيضا بحسبة بسيطة فإن تكلفة استهلاك المواطن الواحد من الكهرباء خلال عام تقريبا تصل إلى 120 ألف جنيه أى سعر تكلفة إنشاء المحطة ، كما ان صيانة هذه المحطات سهل وبسيط ويكون بمسح التراب عن ألواح المحطة، كما ان عمرها الافتراضى طويل والذى يصل لأكثر من 30 عاما.


الأوف جريد
ويقول أحمد العشرى، صاحب شركة لخدمات الطاقة الشمسية، إن فكرة إنشاء محطات تعتمد على الطاقة الشمسية بدأ منذ عام2014 ولكن سوق الإنشاءات كان شبه متوقف، ولكن الآن شهد سوق محطات الطاقة الشمسية رواجا كبيرا وتيسيرا لكثير من العقبات من جانب الحكومة.


ويوضح أن طريقة عمل هذه المحطات تعتمد على ضوء الشمس وليس اشعة الشمس كما يتوهم البعض حيث يتم استغلال هذا الضوء فى الصيف لمدة 8 ساعات وفى الشتاء لمدة 6 ساعات ويتم خلال هذه الفترة تخزين الطاقة حتى يتم استغلالها ليلا ويؤكد أن الزراعة تعتبر من أكثر المجالات التى حققت نجاحا فى استخدامات الطاقة الشمسية حيث تساعد المزارع فى عملية الرى بدلا من شراء مولد أو سولار فيلجأ للطاقة الشمسية ويتم استخدامها بشكل كبير، واستخدامها فى المنازل من استخدام السخانات المنزلية التى تتراوح سعتها من 150 لترا إلى 300 لتر، وتوفر حوالى 40% من فاتورة الكهرباء مقارنة بالسخان الكهربائي، مؤكدا على أهمية الصيانة الدورية شهريا لألواح الطاقة الشمسية لانه اذا لم تتم الصيانة يؤثر ذلك على خروج الطاقة الشمسية فيقل بنسبة 50% حيث تتراكم الأتربة.


ويشير إلى أن أفضل انظمة العمل بالطاقة الشمسية هو نظام «الأون جريد» والذى ييسر على المواطنين ، ويكون ذلك بان يقوم المواطنون بتركيب عدادات ذات وجهين احدهما يقوم بتصدير الفائض الذى ينتج من عمل المحطة نهاراً لشبكات وزارة الكهرباء ، والوجه الآخر يقوم بالسحب من هذا الفائض عند الحاجة ليلا.


ويضيف العشرى إلى انه برغم التسهيلات التى تقوم بها الدولة لإنشاء محطات الطاقة الشمسية إلا ان هناك بعض المعوقات التى يجب تذليلها والتى أبرزها المعوق المادى نظرا لتكلفة الإنشاء العالية لذا لابد من توفير قروض ميسرة للمواطنين حتى يتمكنوا من إنشاء مثل هذه المحطات ويطالب العشرى بضرورة إلغاء شرط الحكومة الذى يفرض على من يرغب بالاستفادة من نظام « الاون جريد» بضرورة إقامة محطة طاقة سعة 6 كيلو وات برغم أن استهلاكه لا يتعدى فى الصيف 4 كيلو وات وتنقص فى الشتاء إلى 2 كيلو وات.


ويشدد إلى أن هذا الشرط يعرقل من سوق إنشاء محطات الطاقة الشمسية لان البديل هنا سيكون نظام «الأوف جريد» والذى بجانب التكلفة الرئيسية للمحطة سيكون على المواطنين تحمل تكلفة بطاريات لتخزين فائض الطاقة.


ويضيف أن أسعار هذه البطاريات مرتفعة جدا وتصل تكلفة البطارية الواحدة 2500 جنيه، وكل كيلو وات يحتاج لبطارية منفصلة ناهيك أن العمر الافتراضى لهذه البطاريات لا يتعدى الـ5 سنوات وحينها تحتاج للتغيير وبالتالى فيكون هذه النظام غير مجد.


ويؤكد انه عند تخفيف شرط الحكومة فإنه بذلك ييسر على المواطنين ويخفض من تكلفة الإنشاء لأن كل مواطن سينشئ محطات تناسب استهلاكه بجانب انه يساعد فى نشر ثقافة الاستفادة من الطاقة النظيفة ويساهم فى التخفيف من العبء على شبكات الدولة ويساعد فى خطة الدولة لتنويع مصادر الطاقة.
 

 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي