رئيس الأرصاد: الشتاء الحالي «عاصف».. وانتهى وصف «دافئ ممطر»

د. أحمد عبد العال أثناء الحوار
د. أحمد عبد العال أثناء الحوار

> رياح قوية وأمواج عالية وأمطار تصل لحد السيول وانخفاض شديدة في الحرارة

> أرسلنا التقارير التحذيرية لجميع الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة

> لم نقصر مع منظمي رحلات البالون بالأقصر والنيابة تحقق في الحادث الأخير والمخطئ سيتحمل مسؤوليته

> لست من أنصار العطلات الطارئة بسبب سوء الأحوال الجوية

> خط ساخن مع محافظ الإسكندرية.. وأحذر من صعود جبل سانت كاترين 

> الرئيس السيسي رصد 100 مليون جنيه لتطوير الهيئة وهو ما لم يحدث منذ إنشائها عام 1924 

> مناخ مصر تغير وتشكيل لجنة لتعريف المواطنين بالوضع الجديد

> قريبا.. وصف جديد لمناخ مصر لتعديله بالمناهج

> مهما انخفضت درجات الحرارة في مصر لن تصل لدرجة العواصف الثلجية مثل أوروبا وأمريكا 

> لا يستطيع أحد مجابهة غضب الطبيعة.. والحكومة طالبتنا بتقارير خاصة
 

تغير الظواهر المناخية أصبحت جزءًا من اهتمامات الأفراد، ولم يعد الاهتمام بتنبؤات الأرصاد قاصرًا على الجهات الرسمية بالدولة، بل دخلت في كافة الاهتمامات الصحية والاجتماعية والاقتصادية للمواطن، كما ارتبط سوء الأحوال الجوية بعدد من الحوادث التي شهدها الشارع المصري خلال الأيام القليلة الماضية.

ونظرا لما تشهده المدن المصرية من تقلبات جوية، وحتى لا تتكرر كوارث شتاء الأعوام الماضية، كان حوار «بوابة أخبار اليوم» مع د.أحمد عبد العال رئيس هيئة الأرصاد الجوية، والذي حذر من شتاء العام الجاري، مؤكدا أنه يحمل ظواهر مناخية عنيفة، وإلى نص الحوار:

في البداية.. كيف ترى موسم الشتاء لهذا العام؟
- ما يحدث في موسم الشتاء هذا العام، أن التغيرات المناخية أثرت على مصر بسبب أمرين الأول أن الظواهر الطبيعية أصبحت مدتها قصيرة ولكنها عنيفة، والأمر الثاني هو الانخفاض الملحوظ في درجات الحرارة الصغرى عن معدلاتها المعتادة، عكس درجات الحرارة العظمى التي لم تشهد مثل هذا الانخفاض.

ورغم أن الشتاء لم يمر عليه أكثر من 3 أسابيع حتى الآن، إلا أن درجات الحرارة الصغرى في بعض الأماكن مثل وسط سيناء وشمال الصعيد وصلت الصغرى إلى 3 درجات وحتى درجتين، وشهدت بعض المناطق رياح شديدة أثرت على حركة الأمواج في البحار، فنجد أن البحر المتوسط بالإسكندرية شهد أمواج شديدة ومرتفعة، حتى أن الأمواج لم تكتفِ بضرب الشواطئ فقط، بل تعدتها إلى الشوارع وتجاوزتها في بعض المناطق واستمر هذا الأمر لمدة يومين .

هل من المتوقع أن تتكرر هذه الظواهر العنيفة بكثرة هذا الموسم؟
-  نعم.. طالما نعيش فصل الشتاء فيجب أن نتوقع كل شيء.. ونحن ننتظر تغيرات مناخية شديدة وقصيرة المدى في نفس الوقت .

وما هي مظاهر هذا العنف؟
- يتمثل الأمر في هبوب رياح قوية، وارتفاع موج البحر إلى مستويات عالية، فضلا عن هطول أمطار قد تصل لحد السيول خاصة على السواحل، فيما تقل على القاهرة بصورة ملحوظة وتزداد ندرة كلما اتجهنا جنوبا إلى الصعيد، وهذا الأمر يُعد مؤشرًا قويًا على ما تشهده مصر من تغيرات مناخية.

وهل تم تحذير جميع الهيئات المعنية من هذه الظواهر المتوقعة لموسم الشتاء الحالي؟
- بالفعل أرسلت تقارير مسبقة، وزارني وفد من شركة الصرف الصحي بالإسكندرية للحصول على تقارير مفصلة بحجم الأمطار المتوقعة، استعدادا للتعامل مع تداعياتها، مما يظهر حجم الاهتمام هذا الموسم.

إلى أي مدى تغيرت خريطة مصر المناخية؟
- بالفعل تغيرت الخريطة المناخية في مصر عما كانت عليه منذ 30 عاما على الأقل، كما أن العالم بأكمله يشهد تغيرات مناخية، وهذا الأمر لا ينطبق فقط على فصل الشتاء، ولكن سائر الفصول الأربعة، فالربيع السابق وما قبله ولأول مرة لا يشهد هبوب رياح الخماسين، وهي ظاهرة معروفة منذ أيام الفراعنة، وكانت الأمطار على القاهرة في الشتاء تهطل بصورة ملحوظة، وهو الأمر الذي لم نعد نراه الآن، وأصبحت الأمطار على القاهرة خفيفة جدا.

هل يمكن أن نعطي تصورا عاما لطبيعة المناخ الجديد في مصر؟
- لا أستطيع أن أعطي هذا التصور الآن، ولكن هناك لجنة تم تشكيلها وتباشر مهام عملها الآن لإعادة وصف مناخ جمهورية مصر العربية المعروف بـ«حار جاف صيفا.. ودافئ ممطر شتاءً»، وتمتلك جميع المعلومات الخاصة بمناخ الجمهورية عن الأعوام الثلاثين الماضية، وقريبا سيتم إصدار الوصف الجديد، وطبقا للبروتوكول الموقع من هيئة الأرصاد مع وزارة التربية والتعليم، سيتم تعديله في المناهج.

وهل تم الاستفادة من تلك التغيرات؟
- بالتأكيد، بدليل أن خريف 2016 شهد هطول أمطار بكميات كبيرة على الجنوب والسواحل الشمالية، ووقتها تعكرت مياه النيل واصفرت المياه بشكل ملحوظ لجميع المواطنين، وكان السبب الحقيقي وراء هذا المشهد الغريب أن وزارة الري ولها كل الشكر تمكنت من تحويل مسار مياه أمطار الجنوب المصحوبة بالرمال لتصب في النيل مباشرة، وهو ما تسببت في تغير لون مياه النيل، وبعد ثلاثة أيام ترسبت الرمال، واستفادت الدولة بكميات المياه التي تم تحويلها للنيل، كما تم إنشاء سحارات في سيناء والمنطقة الغربية لحفظ مياه الأمطار والاستفادة منها.

هل نشاط الرياح القادم من الصحراء الغربية هو سبب الأتربة التي يعاني منها سكان القاهرة الكبرى؟
- ليس شرطا أن تكون بسبب منخفض قادم من الصحراء الغربية، وما شعرنا به من أتربة خلال الأيام القليلة الماضية على معظم المحافظات التي لا تهطل فيها أمطار كان بسبب منخفض قادم من جنوب القارة الأوروبية، واتجه نزولا إلى الصحراء الغربية فسحب معه الرمال، وبالتالي فهو لم يتولد في الصحراء.  

هل طالبتكم الحكومة بتقارير خاصة عن موسم الشتاء الحالي لتفادي الظواهر المناخية القوية المحتمل حدوثها هذا الشتاء؟
- بالفعل هذا حدث، وأرسلنا هذه التقارير إلى متخذي القرار على مستوى الجمهورية، وذلك بالإضافة إلى التقارير الدورية التي نقوم بإصدارها سواء قبل بداية كل موسم أو كل 3 أيام فضلا عن التقارير اليومية.

وقبل موسم الخريف حذرنا من هطول أمطار تصل إلى حد السيول، وبالتالي تصل للجهات 4 إنذارات دورية عن حالة الجو، وكذلك الأمر بالنسبة للشتاء، وهناك مناطق تواصلت معنا بشكل مكثف للسؤال عن طبيعة الأحوال الجوية هذا الموسم، فمحافظ الإسكندرية على اتصال دائم بي للسؤال عن حجم الأمطار وطبيعتها هذه الفترة، وتكرر هذا الفعل مع العديد من الوزراء والمحافظين. 

لكن هناك اتهام للتقارير الموسمية التي تصدرها الهيئة بأنها غير دقيقة، نظرا لصعوبة التنبؤ بالأحوال الجوية قبل هذه المدة الطويلة؟
- هذه التقارير المناخية لا تتعدى كونها وصفًا للسمات العامة للفصل القادم، وبالتالي يحمل الصفة التحذيرية تحسبا لوقوع أية مظاهر طبيعية قوية، ليستعد الجميع للتعامل معها والتقليل من أضرارها، وهذه التقارير مهمة، لأنه لو اعتمدنا فقط على تقارير الـ72 ساعة السابقة، لن يكون هناك تحركًا مناسبًا من المسؤول، للتعامل مع الظاهرة المناخية المتوقع حدوثها.

هل قصرت الهيئة في تحذير الجهة المنظمة لرحلات البالون الطائر بالأقصر من سوء الأحوال الجوية.. مما تسبب في الحادث الذي وقع منذ أيام قليلة؟
- هذه الواقعة قيد التحقيق الآن من النيابة العامة، والتي ستعلن عن المخطئ والمتسبب في هذا الأمر، ولكني متأكد من قيامنا بدورنا على الوجه الأمثل، وذلك من خلال محطات الرصد التابعة لنا والمنتشرة في كافة المحافظات ويبلغ عددها 176 محطة، والتي نقوم بإرسال نتائجها إلى جميع من يحتاجها. 

وتتعدد مهام هذه المحطات، فبعضها يتخصص في أعمال الرصد الجوي خدمة لحركة الطيران، ومنها ما هو متخصص في رصد الإشعاع الشمسي، وبعضها متخصص في رصد الأوزون، وأيضا قياس كمية التلوث. 

وماذا عن جبل سانت كاترين وطبيعة الأحوال الجوية في هذه المنطقة، خاصة مع استمرار رحلات التسلق؟
- في هذا الموضوع على وجه الخصوص تقوم الهيئة بإصدار إنذارات خاصة، والتحذير مرارا وتكرارا من خلال وسائل الإعلام، فهذه المنطقة لها سمات خاصة في درجة حرارتها، حيث تنخفض الصغرى فيها إلى تحت الصفر في الشتاء.
وأطالب كل السائحين والمواطنين بعدم صعود جبل سانت كاترين دون المرشد المتخصص، حتى لا يحدث ما تم منذ نحو 3 سنوات من فقدان للبعض أعلى الجبل، والعثور عليهم في حالة تجمد تام.
 


هل هناك درجة حرارة صغرى يفضل فيها أن تمنع الحكومة موظفيها عن العمل والإعلان عن عطلة طارئة؟
- لا يوجد ولست من أنصار مثل هذا التوجه، حيث أنه مهما انخفضت درجات الحرارة في مصر لن تصل معدلاتها لما يحدث في أوروبا وأمريكا من عواصف ثلجية، ودرجات تصل إلى تحت الصفر، ومع ذلك لا يتوقف العمل هناك، ويجب أن يتمكن المواطن من التكيف مع درجات الحرارة السائدة في أي وقت. 

بماذا تنصح المواطنين في موسم الشتاء الحالي؟
- أنصح الجميع بارتداء ملابس ثقيلة في جميع الأوقات، ولا ينخدعوا ببعض درجات الحرارة التي ترتفع في وقت الظهيرة إلى 22 درجة لتجنب الإصابة بنزلات البرد، إضافة إلى ضرورة التواجد في أماكن جيدة التهوية، وفي حالة وجود ظواهر جوية تقلل الرؤية على الطرق يجب على السائقين اتباع تعليمات المرور بكل دقة حفاظا على أرواحهم وأرواح الآخرين.

شهدت الأيام الماضية أكثر من حادث سير بسبب الشبورة الكثيفة.. هل من الممكن أن تطالب الهيئة الإدارة العامة للمرور بضرورة غلق الطرق في مثل هذه الظواهر المناخية؟
- الأرصاد لا يمكنها مطالبة أي جهة بغلق مطار أو طريق أو منع الملاحة أو غلق ميناء أو بوغازي بسبب سوء الأحوال، فدورنا يقتصر على إصدار النشرة، وعلى كل جهة أن تتخذ اللازم طبقا للوائحها والشروط الخاصة لاتخاذ مثل هذه الإجراءات الاحترازية.

هل تتوقع غرق بعض المحافظات الساحلية «في شبر ميه» مثل ما شاهدناه في الأعوام السابقة؟
- من واقع مراقبتي لسير العمل من المحليات في هذه المحافظات؛ أستطيع القول أن الاستعدادات هناك تتم بشكل جيد لموسم الأمطار.

قلت إن الأرصاد يتم الأخذ برأيها قبل إنشاء المدن الجديدة.. هل تم هذا الأمر قبل الشروع في العاصمة الإدارية؟
- بالفعل تم أخذ رأي الهيئة، وأرسلنا بتقريرًا مفصلاً، والهدف من ذلك هو أن أي مدينة جديدة يوجد بها منطقة مصانع وأحياء سكنية، لذلك يجب أن تكون الأخيرة عكس اتجاه الرياح السائدة في المنطقة، حتى لا يتأثر سكانها بعوادم المصانع وغبارها، بحيث تهب الرياح أولا على المنطقة السكنية ومنها إلى منطقة المصانع.

هل الطبيعة غاضبة من مصر؟
- يجب القول إن الطبيعة قوية للغاية ولا يستطيع أي فرد أو جهة مجابهتها، ولكن تتمثل المسؤولية في أخذ الاحتياطات الممكنة للتعامل مع تداعياتها والتقليل من آثارها للحفاظ على أرواح البشر. 

كيف ترى قدرة الدولة على مواجهة التغيرات المناخية؟
- أكثر ما يمكن أن يؤثر على الدولة من التغيرات المناخية هو ارتفاع مستوى سطح البحر، وغرق المناطق المجاورة له والمنخفضة عنه، وهيئة حماية الشواطئ تخوض تحديًا صعبًا لمواجهة هذا الأمر، وهي ظاهرة مخيفة وإذا لم يتم الاستقرار على أكثر من سيناريو للتعامل معها؛ يمكن أن يحدث ما لا يحمد عقباه.

هل ترى أن صانع القرار في مصر يتعامل مع رأي الأرصاد بالشكل المناسب واللائق؟
- سأشير إلى حادث صغير يظهر مدى اهتمام صانع القرار برأي الأرصاد، رئيس الجمهورية وهو صاحب السلطة الأعلى في اتخاذ القرار قرر رصد 100 مليون جنيه لتطوير الهيئة العامة للأرصاد الجوية، وهو ما لم يحدث إطلاقا منذ إنشاء الهيئة عام 1924م، وهناك اهتمام من المسؤولين في وزارة الطيران بتوفير كافة احتياجات الهيئة، وينبع كل ذلك من اهتمام المواطن العادي بالتعرف على تقارير الأرصاد الجوية بشكل شبه يومي. 

واقعة أخرى مع مجلس الوزراء بحضور محافظي المناطق الساحلية، حيث استدعاني للتعرف على الأحوال الجوية لموسم الخريف والشتاء الحالي، وقمت بإنابة مسؤول آخر عني نظرا لتواجدي خارج البلاد.

هل تمتلك الدولة قمرا صناعيا لرصد الظواهر المناخية والتنبؤ بها؟
- لا تمتلك مصر ولا الوطن العربي وإفريقيا قمرا خاصًا بالأرصاد الجوية، ويوجد في العالم 6 دول تمتلك أكثر أقمار مخصصة لهذه المسألة وهي أمريكا وروسيا والصين واليابان والهند وألمانيا، والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية هي من ترتب كيفية استقبالنا للمعلومات من هذه الأقمار، طبقا للخريطة الجغرافية، ونحن نتلقى تقارير خاصة بجنوب أوروبا وشمال إفريقيا حتى وسطها، وجزء من آسيا.

هل يمكن لأي سبب أن تمتنع هذه الدول عن إعطاء مصر مثل هذه المعلومات التي تخرج من أقمارها؟
- لا يمكن ذلك، حيث تتولى المنظمة العالمية تنظيم هذا الأمر، لأن أي دولة في العالم لا يمكن أن تعتمد على معرفة نتائج الرصد في نطاق محيطها فقط، فحركة الرياح في غالبيتها تتم من الغرب إلى الشرق وبالتالي لابد أن يكون هناك نوع من التكامل للحصول على التنبؤات بصورة سليمة.

مع كل هذا التطور العلمي والتكنولوجي في التنبؤ بالأحوال الجوية.. هل يمكن حدوث ظواهر مناخية مفاجئة خارج التوقعات؟
- مدى مصداقية تنبؤاتنا تجاوزت نسبة 98%، ولكن لا يمنع حدوث بعض الظواهر القليلة خاصة في فصل الربيع، والتي يمكن حدوثها بشكل سريع جدا ومؤقت في بعض المنخفضات، بحيث يتكون ويمر خلال ساعتين أو 3 ساعات على الأكثر.