مفهوم التراث العالمي فكرة نشأت من مصر 

وقعتها اليونسكو لمواجهة الطوفان.. تعرف على قصة اتفاقية "التراث العالمية"

معبدي ابوسمبل
معبدي ابوسمبل

نجاحٌ باهرٌ أظهره التعاون بين مصر ومنظمة اليونسكو لإنقاذ آثار النوبة من الغرق، عقب بناء السد العالي، إذ تكاتفت كل الجهود الدولي سعيا لإنقاذ آثار تعد ملكًا للبشرية قاطبة.

في العام 1972، حاولت اليونسكو استثمار هذا الإنجاز البشري في حفظ التراث، فطرحت فكرة اتفاقية التراث العالمي الطبيعي والثقافي، والتي تهدف لتقنين التعاون الدولي لحماية ما تعتبره الاتفاقية "ذو قيمة عالمية استثنائية مطلقة" يستحق أن تبذل كل الجهود الدولية لحمايته والحفاظ عليه لتنضم مصر للاتفاقية في العام 1974، وتبدأ تسجيل أولى مواقعها على قائمة التراث العالمي عام 1979.

وكشف ياسر فاروق حسين، عضو بإدارة المنظمات الدولية للتراث الثقافي والتعاون الدولي بمكتب وزير الآثار، أنه في العام 1956 اتخذت الحكومة المصرية قرارا بإنشاء السد العالي الأمر الذي تسبب في ارتفاع منسوب المياه في بحيرة ناصر، مضيفاً أن وزير الثقافة المصري آنذاك ثروت عكاشة، ومعه عالمة المصريات الفرنسية كريستيان ديروش نوبلكور، كانا مشغولان بإنقاذ آثار النوبة من الغرق، ووجدت مصر أنها لا تملك الإمكانيات البشرية والمالية في إنقاذ هذه الآثار.


وأضاف "حسين"، أنه في ديسمبر 1958، وجهت مصر والسودان طلبا لمنظمة اليونسكو للمساهمة في إنقاذ آثار النوبة، قبل أن يطولها طوفان النيل المرتد من جسم السد العالي، مشيراً إلى أنه لم يساور مصر أو السودان شك أن نداءهما هذا يحمل أي معنى سلبي، فلا ضرر من تعاون العالم في إنقاذ تلك الآثار العظيمة التي تعد ملكًا للبشرية كلها.

وأشار إلى أن العالم استجاب واجتمعت اللجنة المركزية لليونسكو في مارس 1960، بالقرب من برج إيفل بباريس، وأعلن فيتوريو فيرونيزي مدير عام منظمة اليونسكو، عن تدشين حملة عالمية لجمع التبرعات لإنقاذ آثار النوبة الممتدة لمسافة 450 كم من "دابود" وحتى "جمى" جنوب وادي حلفا.

وشاركت 50 دولة في تلك الحملة، لإنقاذ الآثار النوبية التي تمثل إرثا بشريا تاريخيا عظيم القيمة والقدر، وتحمل أنفاس شعب عريق أنشأ حضارة وادي النيل.

ولفت "حسين" إلى أن أهم المعابد التي تم إنقاذها هي "معبد دابود، والدر، وكلابشة، ومعابد أبو سمبل"، مؤكدا أن الأخيرة تعد من أعظم المعابد المصرية قاطبة، والتي تكلف إنقاذها وحدها مبلغ 24 مليون جنيه مصري في ستينيات القرن الماضي.

وأوضح أنه تم تقسيم الحملة على مرحلتين الأولى ما بين عامي 1960 إلى 1963، وكانت الخطة قائمة على إنقاذ آثار مناطق الكنوز في الشمال، والثانية بين عامي 1964 و1968 وهي موجهة إلى النصف الجنوبي من بلاد النوبة ومنها معبدين بأبو سمبل، كما أعيد فتح معابد أبو سمبل بحضور الزعيم جمال عبد الناصر في 12 سبتمبر عام 1968.