اعتبر المركز الإقليمى للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة تداعيات بناء "سد النهضة" على الأمن المائي المصري من أبرز التحديات التى تواجه حكومة المهندس إبراهيم محلب الجديدة ، وقال فى دراسة أعدها برنامج الدراسات المصرية إن العجز المتوقع – طبقا لآراء الخبراء - أثناء فترة ملء السد يتراوح بين 15 و19 مليار متر مكعب من المياه، ويمتد لست سنوات، وهو ما ينعكس على "تبوير" نحو مليون فدان من الأراضي الزراعية، وتشريد مليوني أسرة ريفية.  وأضافت الدراسة إن هذه التداعيات يقابلها نقص في إنتاج الطاقة الكهرومائية من السد العالي في حدود 40% لمدة 6 سنوات أيضًا، فضلاً عن نقص الإنتاج الزراعي بمعدل 12% وتكليف الدولة مليارات الدولارات لتوفير مواد غذائية، ولتحلية مياه البحر، علاوة على زيادة ملوحة التربة، والعجز عن تشغيل محطات مياه الشرب، نتيجة انخفاض المناسيب، وما يزيد خطورة المشكلة أن هناك نقصًا في الاحتياجات المائية الحالية لمصر يقدر بنحو سبعة مليارات متر مكعب، في ظل حالة الفقر المائي التي تعاني منها.   وأشارت الدراسة  التى حملت عنوان " التعهدات السبع .. الحكومة الجديدة بين أولويات الداخل وتحديات الخارج " تواجهها الكثير من التحديات الداخلية والخارجية ، فمطالبة بتحقيق متطلبات الداخل وتقديم حلول عاجلة للمشكلات الحياتية اليومية، مثل ضبط الأسعار وتطبيق الحدين الأدنى والأقصى للأجور وتقديم حزمة تحفيزية للإقتصاد تمكنه من المساعدة في حل مشكلة البطالة، وتمكين الشباب وانتقالهم من الثورة إلى قلب منظومة الحكم .. وقالت إن هذا الامر ربما يرتبط بقدرة الحكومة على التفكير الابتكاري ووضع رؤى جديدة تحقق الرضا العام عن أدائها، وبطبيعة الحال ستحتاج إلى وقت كافٍ للحكم على طبيعة هذا الأداء.   ولفتت الدراسة الى تشابك التعقيدات الإقليمية والدولية التي تواجه صانع السياسات؛ منها إعادة تقييم العلاقات المصرية الأمريكية بعد ثورة 30 يونيو ، والإنفلات الأمني في دول الجوار، خاصةً السودان وليبيا، وهو ما يؤدى إلى تهريب كميات كبيرة من الأسلحة إلى الداخل، وما يحمله ذلك من مخاطر جمة علي الاستقرار المجتمعي. وتوقعت الدراسة احتمالين أساسيين لمستقبل الحكومة ، أولهما  نجاح الحكومة في وضع تصور استراتيجي لمواجهة تحديات الخارج، خاصةً أزمة سد النهضة، والشروع في تبني رؤية حاسمة لكيفية التحرك على مستويات عدة، بدءًا من عرض التعاون المائى على إثيوبيا عبر شراكة حقيقية لمصر والسودان في بناء السد ومعرفة تفاصيل إنشائه ومصادر التمويل الحقيقية، مرورًا بالتصعيد إلى التحكيم الدولي في ظل قوة الموقف القانوني المصري المستند إلى اتفاقيات دولية تنظم توزيع الحصص المائية في هذا المجرى المائي الدولي، ووصولاً إلى التلويح باستخدام القوة العسكرية..وهي آخر ورقة يمكن اللجوء إليها.     أما الاحتمال الثاني -وهو الأقرب- فيرتبط بإخفاق الحكومة في تنفيذ أجندة فعالة لمواجهة الملفات الشائكة الداخلية، مع تفاقم التحديات الخارجية في ظل التعنت الإثيوبي في الاستمرار في بناء سد النهضة. وهو ما يعني أن الحكومة ربما تصبح عاجزة عن مواجهة هذه الأزمة، لاسيما أنها حكومة مؤقتة حتي إنتخاب مجلس النواب الجديد عقب الإنتخابات الرئاسية، وربما ستبقى معظم هذا الملفات معلقة حتى انتخاب الرئيس ومجلس النواب؛ إذ سيكون للأخير الدور الأهم في تشكيل الحكومة التي سترث كل هذه التحديات الصعبة، والتي ستصبح مهمتها قتالية بالأساس.