تجديد الخطاب الديني يستلزم أن نحافظ على الأصل وأن نواكب العصر

أكبر معمر أزهري: داعش ابتلاء أصاب الأمة.. عاصرت الإخوان ولم أنتسب لهم

محررة بوابة أخبار اليوم مع أكبر معمر أزهري
محررة بوابة أخبار اليوم مع أكبر معمر أزهري

قيمة وقامة لا يمكن الإغفال عنها، فليس فقط لأن الشيخ معوض عوض إبراهيم أقدم خريج أزهري ولديه من العلم ما يكفي لأعوام وأعوام، بل أيضًا لأنه بإتمامه الـ105 عام شهد على الكثير.

عاصر ثلاثة ملوك من أسرة محمد علي، وجميع رؤساء الجمهورية من عهد محمد نجيب وحتى الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، كما عرف الإخوان منذ بدايتهم وشهد 3 ثورات.

لم تقتصر جهوده على الوعظ والإرشاد فقط، بل أيضًا له موهبة مميزة في الكتابة فزادت مؤلفاته عن 18 كتاب وديوان شعر مطبوع.

وحتى الآن مازال المنهل الذي يذهب إليه العلماء والأزهريين، وعلى رأسهم مفتي الديار السابق الدكتور علي جمعة، ومفتي الديار الحالي الدكتور شوقي علام، والدكتور أسامة الأزهري.

بمناسبة عيد ميلاده الـ105، كان لنا حوار خاص مع الشيخ معوض عوض إبراهيم "أكبر معمر أزهري"، فيما يخص دور الأزهر في مواجهة كل من الإرهاب والفكر المتطرف وتجديد الخطاب الديني!


قال الشيخ "معوض" إن الأزهر كلمة واسعة تشتمل على الأزهر المشيخة والعلماء وأساتذة الجامعة وأئمة المساجد، ولكل هولاء دور سواء بصورة رسمية أو بغير رسمية، لكن دور الأزهر في جملته ينقصه الكثير، والجهود المبذولة ليست كافية، حيث أن الفكر المتطرف يسبقنا فيجذب الشباب بمراحل، وأنا أثمن الدور الذي يقوم به شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وأطالبه بالمزيد، ومثل هذا الكلام يقال أيضا في قضية تجديد الخطاب الديني لأنه أمر حيوي ينبغي أن نأخذ فيه خطوات كبيرة،
وحين نقوم بتجديد الخطاب علينا أن نحافظ على الأصل وأن نواكب العصر.

في ظل فوضى الفتاوى.. ماهي الحلول للتغلب عليها وكيف يحصن الشخص العادي نفسه من الوقوع في فخ الفتاوى المبنية على فقه عبثي؟

فوضى الإفتاء التي  نعاني منها في بلدنا إنما تصدر من الجهال الذين لم يدرسوا العلم على أهله من العلماء، وعندما يحصل الخلاف لا بد أن نعود إلى أهل الذكر وهم العلماء المتخصصون في أمور الإفتاء، والله سبحانه وتعالى يقول: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).

وللتغلب على فوضى الإفتاء لابد للأزهر مع دار الإفتاء أن يكون لهما دورهما الذي يشعر به الناس، ودار الإفتاء عليها دور مهم وهي تقوم به قدر الطاقة في عصور عديدة، وقد رأينا لها دورا عالميا في عهد الدكتور علي جمعة المفتي السابق، وها هو الدكتور شوقي علام المفتي الحالي يواصل العطاء الذي أُنيط به من أجل أن تكون الإفتاء قائدة رائدة دائما أبدا.


عاشرت الإخوان.. فبما تصفهم.. وكيف ترى منهجهم.. وكيف تعاملت معهم خلال فترة الاحتكاك بهم؟

كانت جماعة الإخوان في بدايتها جماعة دعوية، ولما توجهت إلى السياسة انحرفت عن مسارها الذي عرفه الناس عنها في بداية نشأتها، عرفت الأستاذ حسن البنا، وكان دائما إذا نزل بلدا سأل عن علماء الأزهر، وفي مرة من المرات رآني وقال لمن يعرفهم: جاءكم واعظ اسمه معوض إبراهيم أرجو أن تنتفعوا به، وفي الواقع أنا لم أنتسب إلى الإخوان في حياتي مطلقا، وقد حزنت حزنا شديدا حينما سمعنا كيف تعاملت جماعة الإخوان مع من يختلفون معهم سياسيا، وكيف أنهم يحرصون على تشويه صورة من يخالفهم بالكذب والبهتان، وقد قلت قبل ذلك: أنهم أكلوا الثمرة، وهزوا الشجرة، وأرادوا ألا يتركوا في الشجرة شيئا مثمرا، ورغم كثرة الناصحين لهم إلا أنهم لم يستجيبوا لنصح أحد منهم.
ولقد وقف الإخوان موقفا عدائيا من الجميع، فوقفوا أمام الأزهر، وعادوا كل مؤسسات الدولة بما فيها الجيش المصري العظيم الذي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظه ويحفظ بلادنا من كل مكروه وسوء، وبعد هذا الزمن الذي عشته بفضل الله ورأيت فيه الكثير من الاتجاهات المختلفة، رأيت أن الأزهر الشريف هو المنهل العذب والمنزل الرحب، والمستقر الآمن، والمُنطلَق إلى كل ما هو خير.

كيف ترى داعش.. وكيف يستطيعون استقطاب جيوشهم؟

ابتلاء أصاب الأمة الإسلامية، من خلال مفاهيم مغلوطة، وعقول متحجرة، سلكت مسلك خوارج العصر القدامى، وتلاعبوا بدين الله، فحولوه من رحمة ويسر وتعارف وتقارب إلى عذاب وصدام وقتل وقتال، والإسلام بريء من هذه التنظيمات التي أساءت إليه، ولقد كان العلماء الذين عاصرناهم سواء من مشايخنا أو زملائنا أو تلامذتنا كثيرا ما يتفقون على أن الإساءة للإسلام جاءت من بني جلدتنا قبل أن تأتي من الغير، والإسلام يفرض علينا ألا نحابي فيه أحدا، وألا نسكت عن استشراء الشر، واستنكار المنكر، مع أناس ضلوا الطريق، فرفعوا السلاح باسم الإسلام، وإنني مع الأزهر بعلمائه وهيئاته ومع الدولة المصرية والجيش المصري ومع كل إنسان مخلص يبذل جهودا لمقاومة هذه الأفكار المنحرفة، ليعيش الناس في أمن وسلام ووئام، وتنظيم داعش ناجح في استقطاب عدد من الشباب بسبب الاستغلال السياسي والتلاعب بعقولهم وعواطفهم، ولذلك ننادي بوجود دور كبير في المواجهة، خاصة المواجهة الفكرية.

أصبح الطلاق من سمات هذا العصر.. فلماذا؟ وماهي رسالتك للشباب المقبلين على الزواج؟

أتفق معك في ظاهرة انتشار حالات الطلاق بين الشباب والمتزوجين حديثا، وهذا في نظري راجع لأسباب كثيرة، بعضها بحكم العوامل النفسية، وبعضها بسبب العوامل الاجتماعية والاقتصادية، ولا أبرأ الأجيال الأكبر من تحمل المسؤلية حين غابت عنهم قيم الحنو والإشفاق على الشباب قبل وبعد الزواج، وقد قلت في إحدى كتبي أننا قصرنا في توفير الجو التقي الذي تنمو وتقوى وتتأصل فيه الصفات الطيبة، وهذا خلق أجواء من التوتر والقلق بين المتزوجين، فعجزوا عن تحملها والتعامل معها، وكان من الخير أن نسأل: هل أدينا لهؤلاء الشباب واجب القدوة والنصح والتعامل السديد الأمثل الذي يرفعون فيه الشعار القرآني العظيم ( ويزكيهم) وهو الشعار الذي يسري بين المتزوجين فيعلمهم الصبر والتحمل والكرم والرضا، أي رضا الفتاة بزوجها ورضا الشباب بزوجته؟!

رسالتي لشبابنا وأبنائنا: تحملوا واصبروا وأحبوا أهلكم، ولا يظنن الشباب أن ما عند غيره أفضل مما عنده ولا العكس، وأذكرهم بحديث رسول الله ( خيركم خيركم لأهله)، وأقول لهم أيضًا ابتعدوا عن المخاطر التي تستهدف عقيدتكم أو حماسكم أو عاطفتكم، ولا تتسرعوا في اتخاذ القرارات، ولا تسارعوا إلى المحاكاة والتقليد في كل كبيرة وصغيرة، وإذا وقعت لكم مشكلات أسرية فانظروا أنفسكم في مرآة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن هديه خير الهَدْي.