في حوار لـ"بوابة أخبار اليوم"

حبيب الصدر: مصر الوحيدة القادرة على جمع دول المنطقة وحل الأزمات

حبيب الصدر:
- سوريا تشهد حرب عالمية مصغرة
- نجاح هدنة حمص دليل على مقبولية مصر لدى الإطراف السورية
- نأمل أن يكون للقاهرة أدوارا أخرى لتخفيف الأزمات في المنطقة
- مصر الوحيدة القادرة على جمع الدول الفاعلة في منطقتنا على طاولة واحدة للوصول لاتفاق حكيم
- اقتلعنا دولة الخرافة من الموصل بعمليات عسكرية نوعية 
- هناك مشاريع واعدة بين مصر والعراق في مجال الطاقة
- انفصال كردستان سيحدث تسونامي للتقسيم في المنطقة

أكد حبيب الصدر سفير العراق في القاهرة ومندوبها لدى جامعة الدول العربية أن العلاقات المصرية العراقية تقطع أشواطا مهمة إلى الأمام، وأن اللجنة المشتركة تحدد موعدها نهاية الشهر الجاري .

وأضاف في حواره لـ"بوابة أخبار اليوم" أن الحرب في سوريا عبارة عن حرب عالمية مصغرة  وأن نجاح هدنة حمص دليل على مقبولية السياسة المصرية مصر لدى الأطراف السورية، مشددا على أن مصر الوحيدة القادرة على جمع الدول الفاعلة في منطقتنا على طاولة واحدة للوصول إلى اتفاق حكيم.

وإلى نص الحوار:

بعد انتصار الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي في الموصل هل نستطيع القول بأن العراق انتصر على داعش تماما؟
في الحقيقة لابد لنا قبل أن نجيب على سؤالكم أن نشير إلى أن القوات الأمنية العراقية بمختلف فصائلها من جيش وشرطة اتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب وحشد شعبي وبيشمركة قد تمكنت من اقتلاع دولة الخرافة من الموصل بعمليات عسكرية نوعية.
ولاشك أن المعارك لم تكن سهلة واستمرت لمدة تسعة أشهر بسبب حرص قيادة العمليات على الحفاظ على أرواح المدنين الموجودين داخل المدينة أثناء العمليات، لكن الصبر العسكري وحسن الإدارة والقيادة والتخطيط أسهم في نجاح العلميات وإنهاء عصابات داعش.
ولابد لنا أن نذكر أيضا أن العمليات التي خاضتها قواتنا الأمنية الباسلة ضد العصابات التكفيرية كانت تعد من أصعب المعارك، لأنها إضافة إلى أساليب حرب العصابات وتعقيداتها كانت تجري في أحياء مكتظة بالسكان، مع اعتماد عصابة داعش إلى حد كبير على الإرهابيين الانغماسيين، وترويع الأهالي واتخاذهم دروعا بشرية، لكن المميز هنا أن القوات الأمنية العراقية كانت مواكبة في خططها للمتطلبات الميدانية على الأرض، واستطاعت أن تجهز عليهم وتعيد الموصل لتعانق العراق بعدما كانت ملبدة بأجواء الدم والعنف.
وبعد الموصل تنتظرنا معارك أخرى لتحرير مدن تلعفر والحويجة وعنة وراوة والقائم، وهي معارك ستكون أيسر على قواتنا من المعارك السابقة لأننا تمكنا من قتل ابرز قيادات ومساعدي الإرهابي البغدادي، وتمكنا أيضا من قطع خطوط الإمداد ومحاصرة الإرهابيين فما عاد إعلان تحرير التراب العراقي كاملا سوى مسألة وقت لا أكثر.

كيف نضمن عدم وجود بيئة لنمو وعودة التطرف من جديد؟
في هذا الأمر لابد لنا من إجراءات جماعية على صعيد المنظومة العربية والإسلامية، لأن محاربة الإرهاب ملف لا يقبل التجزئة، ومن هنا ندعو إلى ضرورة تصفير الأزمات في منطقتنا العربية، وإجراء حل سريع للأزمة الخليجية الأخيرة والذهاب نحو جهد جماعي بالتعاون مع المجتمع الدولي والمنظمات الدولية من اجل محاربة المنابر التكفيرية، وتتبع حركة الأموال والعناصر البشرية للجماعات الإرهابية، وأن تأخذ منظمة التعاون الإسلامي دورها الحقيقي في تبني مشاريع إصلاح الخطاب الديني، ومن صحيفتكم الغراء لابد لنا أن نؤكد أن المرحلة الحالية بحاجة إلى تكامل للأدوار بين الأزهر الشريف والنجف الأشرف لأشاعة الوسطية الإسلامية وتقديم الخطاب الإسلامي المتناسب مع ضرورات المرحلة.

موجة الإرهاب تضرب كثير من الدول العربية كيف يتم التنسيق لمواجهة الإرهاب؟
للأسف منطقتنا تعيش صراعات متعددة وإشكاليات وأزمات مزمنة، فهناك التحدي الإرهابي في العراق وسوري أو مصر واليمن وكذلك ليبيا الدولة الشقيقة التي يسعى الإرهاب لتحويلها إلى دولة فاشلة، وهناك الملف اليمني وتعقيداته، وهناك الازمة الاخيرة بين قطر وبعض دول الخليج ومصر ، وهناك الصراع العربي الإسرائيلي القديم الجديد بتداعياته.

نحن نرى ان منطقتنا متجددة في أزماتها أكثر من فرص التقارب والحلول، وقد تؤسس هذه التداعيات لصراعات جديدة، ونؤكد ان عدم استقرار الشرق الأوسط يهدد مصالح العالم ويعزز الفوضى .

كما أن الصراع حول الدولة الواحدة وحل اللا دولة في سوريا واليمن وليبيا، نتج عنه استفحال الإرهاب وتدويل الحروب الداخلية ودخول القوتين العظمتين أمريكا وروسيا على الأرض في سوريا، وأصبحت الحرب في سوريا عبارة عن حرب عالمية مصغرة من دخول دول المنطقة في الصراع وكذلك القوى العظمى، وتعدد جنسيات الإرهابيين لأكثر من 82 جنسية.

ونشير في هذا الصدد إلى أننا نعيش في فترة مضطربة لم تشهدها دول المنطقة من تاريخ استقلال بلدانها ، لذا نؤكد من جديد على إننا بحاجة إلى احتواء الأزمات وقيام الدول الفاعلة بمبادرات تعزز التفاهم وتعقلن الصراعات.

ومن هنا نرى ضرورة السعي إلى قيام نظام امني إقليمي يهدف إلى تعزيز التعاون الاستخباري بين بلدان المنطقة من اجل تجفيف منابع الإرهاب عبر فرض الحصار على تمويلاته وعناصره البشرية.

كما نشير إلى وجود محطات فضائية ووسائل إعلامية إلكترونية تمارس خطابا تكفيريا واضحا وتدعو إلى الاحتراب المذهبي والطائفي، وهذه الأمور كلها مقومات لأن نبتلى بآفة الإرهاب بصورة مستدامة وسيعود الضرر في النهاية على الجميع  لذا نحن بحاجة قيام جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بوضع ميثاق شرف للخطاب الإعلامي يحرم التحريض على العنف والطائفية ودعم التطرف والإرهاب.


هناك لجنة عليا مصرية عراقية متى ستعقد؟
الآن الموعد الجديد الذي حدده الجانب العراقي نهاية هذا الشهر ، يعنى الأسبوع الأخير من هذا الشهر ، وحتى الآن لم نحصل على تأكيد من الجانب المصري .

ومن أهم المشاركين وما هي الموضوعات المطروحة للمشاركة ؟
في الحقيقة نؤكد أن العلاقات المصرية العراقية تقطع أشواطا مهمة إلى الأمام، ومن المؤمل أن تنعقد اللجنة العليا المشتركة قريبا في بغداد برئاسة رئيسي مجلس الوزراء في البلدين، وسيكون على رأس أجندتها بحث مجالات التعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية والاستثمارات وتعزيز التبادل التجاري بين البلدين، وتفعيل مذكرات التفاهم، وطرح فرص التعاون والاستثمار في كلا البلدين، وكذلك افاق التعاون على صعيد الطاقة وهناك مشاريع واعدة بين مصر والعراق في هذا المجال.

كما ونشير أيضا إلى الزيارات المصرية إلى العراق وأخرها الزيارة  الناجحة لمعالي الوزير سامح شكري الى بغداد، اذ جرى عقد اجتماع لجنة الحوار الاستراتيجي بين البلدين، التي ركزت على بحث سبل التنسيق الاستراتيجي في القضايا العربية، وتعزيز التعاون الاستخباري والأمني والتأكيد على مسألة إعادة الإعمار ودور مصر فيها.


رأينا زيارات كثيرة لمسئولين عراقيين للقاهرة هل ذلك مؤشرا إلى إحداث طفرة وتطور كبير في العلاقات؟
نعم هناك زيارات عدة لوزراء ونواب ومسئولين لان العراق يهمه إدامة الصلة والارتقاء في مستويات العلاقات في مختلف المجالات لما لمصر من مواقف مشرفة تجاهنا فهي لم تبخل يوما في  دعم بلادنا في حربها ضد الإرهاب سواء على صعيد الجامعة العربية أو في مجلس الأمن.

وهناك زيارات مصرية إلى بغداد أيضا وكان أخرها زيارة معالي الوزير شكري كما اشرنا سلفا  وهي الزيارة الخامسة منذ تولي الدكتور حيدر العبادي رئاسة الحكومة وأسفرت عن تفاهمات مهمة بين البلدين، كما سيزور العراق قريبا السيد رئيس مجلس الوزراء شريف إسماعيل عند انعقاد اللجنة العليا المشتركة بين البلدين

ونود أن نبين أن العراق يؤكد على أهمية الدور المحوري لمصر في المنطقة وسياستها الخارجية المتوازنة ومواقفها في تهدئة الأزمات في منطقتنا العربية.

ونحن ننظر ابيضا إلى أن مصر ساحة واعدة ومهمة في التبادل التجاري، كما أن المستثمرين العراقيين حريصون على الانفتاح على السوق المصرية رغم معوقات الحصول على التأشيرة والإقامة لهم.

ونشير أيضا إلى أن العراق قدم قوائم عدة من الفرص الاستثمارية للشركات المصرية وأعلنا أن أبوابنا مشرعة أمامها للاستثمار في بلادنا.

ونأمل من خلال اجتماع اللجنة العليا المشتركة المرتقبة تذليل المعوقات والصعوبات التي تعرقل العجلة الاستثمارية والتجارية بين البلدين، لنقدم على صفحة جديدة من النشاط التجاري.

هناك انتخابات نيابية كيف ترى هذه الانتخابات خاصة وان هناك خلافات بين الدول؟
بعد نصرنا المؤزر في الموصل تعكف القوى السياسية العراقية اليوم على  ترصين البيت الداخلي العراقي والذهاب نحو (نصر سياسي) يوازي انتصاراتنا وتضحياتنا، ولا نجد في مشاريع الكتل السياسية الرئيسة في بلادنا غير المشاريع الجامعة والعابرة للطائفية، وهذه المشاريع المهمة تهدف للوصول إلى حكومة منسجمة قوية في منهاجها، ليتطابق الوزراء وأنشطتهم مع الضرورات الحكومية التي تمثل الوطن كله وليست تابعة لمشاريع قومية أو طائفية أو حزبية ضيفة.

كما أن الكتل السياسية العراقية متضامنة في السعي نحو تأسيس حكومة مسؤولة عن تطبيق برنامج وزاري يتناسب مع مرحلة ما بعد الإرهاب وحتميات إعادة الإعمار والنازحين وتحقيق التنمية.

كما أن مشروعنا الوطني يهدف إلى  صون التنوع والتعددية من خلال دولة المواطنة التي من شأنها تحسين الظروف الأمنية والاقتصادية والمشاركة السياسية وتكافؤ الفرص للأقليات ومكافحة التعصب والتطرف وتطوير المنظمة القانونية لحماية الإنسان العراقي، عن طريق إيجاد الآليات لضمان المشاركة السياسية والتمثيل في البرلمان ومؤسسات الدولة واجهة.

هناك موقف موحد من أربعة دول عربية لمكافحة الإرهاب موجه ضد موقف قطر تحديدا كيف يرى العراق ذلك؟
العراق عبر عن أسفه للتطورات السلبية التي حدثت بين الأشقاء العرب، في ظرف نحن أحوج فيه إلى وحدة الكلمة والموقف، ونؤكد أن أي جهد لمحاربة الإرهاب في أي مكان في العالم هو جهد مشكور ويستحق دعمنا وإشادتنا ، ولا يوجد بلد في العالم اكتوى وتألم ونزف كالعراق، ولا يمكن أن نسامح يوما من أسهم في إراقة قطرة دم على ارض الرافدين، لكننا نرى أن جهود مكافحة الإرهاب في منطقتنا العربية لا يمكن لها أن تمضي إلا من خلال جهود جماعية لذا نقول انه مهما قرعت الحرب طبولها ومهما استعرت المنابر السياسية والإعلامية نيرانا وتشنجا ومهما صرفت المليارات من اجل تعزيز الفرقة والأزمات لكن لامناص في النهاية من الحوار البناء للوصول إلى النتائج المطلوبة

ونحن في العراق أكدنا أن موقفنا هو الحرص على استقرار جميع دول المنطقة وان يكون هناك توحد للجهود من اجل مكافحة الإرهاب، صحيح أن هزيمة داعش في العراق باتت واقعا في المنطقة، لكننا نؤكد أن الإرهاب لن ينتهي بسهولة لأنه تأسيس إقليمي بجذور عالمية يعتمد على مصادر فكرية عميقة، واستطاع التمدد من وجود هجين إلى عصابة تنشر الرعب والدمار والتطرف والجراثيم الفكرية في عقول الشباب.

وخطورة الخلافات في المنطقة التي نحن بصددها أنها تعطي فرصة ذهبية للإرهاب ان يعيد تجميع نفسه واستعادة أنفاسه لأنه يستغل أخطاء الحكومات وعدم تشخيص أولوياتها، ولن تحسم المعركة مع الإرهاب إذا لم تحظ المواجهة بتوحد عربي وإسلامي، ودليل ذلك أن الإرهاب التكفيري يعمد إلى إيجاد فروع له في الدول التي تعاني من اضطرابات سياسية فهو موجود في اليمن، وليبيا وهناك فروع له في دول المغرب العربي تحت مسمى تنظيم القاعدة في المغرب العربي وامتد إلى القارة الإفريقية حيث نجد في نيجيريا جماعة بوكو حرام.


ملف إعادة الإعمار من أهم الملفات التي ستواجه العراق كم ستتكلف وهل ستطلبون مساعدات دولية؟
في الحقيقة نحن أمامنا مهمة أساسية هي البناء والاستقرار وإعادة الأعمار، كما أن العراق حصل على وعود حقيقية من 60 دولة للمشاركة في إعادة الإعتمار، ونحن بدورنا نشكر دولة الكويت الشقيقة لأنها تبنت مسألة استضافة مؤتمر المانحين على أراضيها.

وقد خصصت الحكومة العراقية ملياري دولار لإعمار الموصل لغرض تسريع عودة النازحين إلى مناطقهم.

ونحن سنركز في مرحلتنا القادمة على إعمار الإنسان والأرض، فقد عدت الحكومة العراقية الخطط والمشاريع لدوران عجلة الاعمار، ولدينا كذلك مشاريع واعدة على صعيد تنمية الفرد العراقي وفي المناحي التعليمية والاقتصادية ومحاربة الفساد.


هل ستشارك مصر في عملية إعادة إعمار العراق؟
يهمنا كثيرا في العراق أن يكون لمصر مساهمة في عملية إعادة الإعمار ، لما للشركات المصرية من سمعة جيدة وخبرات مشهودة في الدول العربية والإفريقية.

ونحن في اللقاءات التي نجريها مع المسؤولين المصريين نركز على هذه النقطة كثيرا ، فنحن نأمل أن يكون الأشقاء العرب هم السباقون في إعادة الإعمار قبل غيرهم.

كما أن لمصر مكانة كبيرة في قلوب العراقيين وللمصريين حب للعراق لا ينقطع، وسنسعى مع الجانب المصري في الفترة القادمة لإنضاج خطط إسهام الشركات المصرية في إعادة الإعمار.

ونحن نعتقد إن إعادة إعمار المدن المحررة هي البوابة العريضة لدخول الشركات المصرية وعمالتها بقوة في الساحة العراقية.

هناك تقارب بدأ يظهر مع عدد من الدول العربية هل نستطيع القول أن العراق عاد لمحيطه العربي خاصة وأن البعض كان يتحدث عن تقارب إيراني؟
في الحقيقة تمكن العراق في عهد الرئيس العبادي من الانفتاح على المنطقة، وكسب دعمها في حربنا على الإرهاب، وكذلك تمكنت الحكومة من بناء علاقات إيجابية مع الجوار وإنضاج تعاون بناء يصب في المصلحة الوطنية، كذلك نجحت الحكومة الحالية في كسب دعم المجتمع الدولي والأمم المتحدة التي أشادت بالأداء الحكومي العراقي والقوات العراقية المقاتلة، وهذا كله بفضل سياستنا الخارجية الواضحة في تجنب سياسة المحاور والعداء، والسعي لحل النزاعات بالطرق السلمية، وتصفير الأزمات، مع اعتبار محيطنا العربي هو عمقنا الإستراتيجي.

أما بشأن العلاقة مع إيران فنؤكد أن العراقيين هم من يقرروا مساراتهم ضمن مصالحهم ، ومن مصلحة العراق أن تكون هويته العربية واضحة وان تكون له علاقات عميقة مع أشقائه العرب، وان يحتفظ بعلاقات وطيدة مع الجارتين إيران وتركيا.

ونشدد على أن العراق يرفض سياسة المحاور في المنطقة، ويتجنب أي سياسة عدائية تجاه أي دولة من دول العالم ، ويرحب باي جهد او وساطة تسهم في تخفيف التوترات وإطفاء النيران في المنطقة.


وزير الداخلية تحدث عن طلب السعودية من العراق التوسط لتخفيف التوتر مع إيران؟
أعتقد أن وزير الداخلية لم يتلق طلبا من الجانب السعودي في هذا الخصوص .

والعراق سياسته الخارجية الابتعاد عن المحاور وأن يأخذ جانب الحياد وأن جزء من الحل وليس جزء من المشكلة .

هذه السياسة تؤهل العراق لكي يلعب دور الوسيط النزيه والمعتدل والمقبول من قبل جميع الأطراف .

لو تقدمت أي دولة عربية إلى العراق لأن يكون وسيطا في حل مشكلتها مع دولة إقليمية أخرى أنا أعتقد أن العراق سيدرس هذا الطلب باهتمام، وربما لا يتأخر عن ذلك ، لأن العراق من مصلحته أن تهدأ المنطقة وتخف حدة التوترات وأن  تحل مشاكلها لأن منطقتنا هي قلب العالم وهدوئها سينعكس إيجابا على الأمن والسلم الدوليين أيضا.


هل سنرى مصالحة شاملة في العراق قريبا؟
نحن نرى أن العراق في ولادة جديدة من رحم المحن والصعاب التي واجهها في تحدياته الأخيرة ، عن طريق الاستفادة من الدروس ، كما أن أبنائه جربوا أن منابر الفتن والصراعات السياسية، لم تجلب لنا سوى الويلات حتى أصبحت بعض مدننا لقمة سائغة للإرهاب.

لذلك فبعد الدماء والتضحيات التي قدمناها لن نسمح بالرجوع إلى مربع الصفر من جديد ، ولهذا نؤكد أن النخبة السياسية العراقية تسعى اليوم إلى مشروع سياسي ابعد من المصالحة الوطنية ، يهدف إلى تسوية الخلافات والذهاب نحو دولة المواطنة، وتساوي الفرص بين ابناء المجتمع، ضمن ركائز مهمة تحفظ سيادة العراق واستقلاله ووحدة أراضيه، والحفاظ على التجربة الديمقراطية.

إقليم كردستان يصر على إجراء الاستفتاء كيف ترى ذلك؟
موقفنا أن هذا الاستفتاء - لو حصل- فاقد للشرعية وغير دستوري ولن نعترف به ولن نتعامل مع نتائجه، حيث أن الإقليم جزء من العراق الواحد هذا موقف الحكومة العراقية من هذا الاستفتاء .

وهذا الاستفتاء مرفوض دوليا وعربيا أيضا ومن بعض الأحزاب الكردية ،فبالأمس مثلا كتلة التغيير أصدرت بيانا برفضها للاستفتاء،كما أن الجماعة الإسلامية لهم نفس الرأي،  يعنى ذلك أن الأجواء الداخلية في كردستان غير مهيئة لإجراء هذا الاستفتاء ،فالبرلمان معطل منذ أكثر من سنتين والأزمة الاقتصادية وعدم وجود شفافية في واردات البترول ، نفط كردستان يصدر بمعزل عن الحكومة المركزية ، وبالتالي شعبنا في كرد ستان يريد أن يعرف أن تذهب واردات هذا النفط ، والجهات التي تشترى .

لذلك أقول أنه سيأتي وفد في الأيام القليلة القادمة من كردستان يترأسه الروز نورى شاويس الذي كان نائب لرئيس الجمهورية فى فترة ، ونائب لرئيس الوزراء لمناقشة موضوع الاستفتاء  مع د. حيدر العبادي .

وبتقديري حتى الولايات المتحدة ووزير خارجيتها دخل على خط الموضوع وطلب من كردستان تأجيل هذا الاستفتاء .

يعني ذلك أن المجتمع الدولي يرفض الاستفتاء؟
نؤكد أن المجتمع الدولي والجوار الإقليمي ليس مع تلك الخطوة، كما أرسل السيد أمين عام جامعة الدول العربية د.أحمد أبو الغيط رسالة مؤخرا إلى السيد رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني دعاه فيها إلى مراجعة قرار الاستفتاء، وأكد انه سيحمل رياح الشرذمة والتفتت، فيما أبدى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وإيران وتركيا والعديد من دول العالم نفس الموقف أما التحالف الوطني الكتلة البرلمانية الأكبر في البلاد، فقد أكد أن الانفصال سيزيد من التهاب المنطقة المتأزمة أصلا وستنتج كيانات غير مستقرة في عالم مضطرب يبتلع الصغير والكبير.

ونشير إلى أن هذا الموقف لا يؤثر على امن ووحدة العراق فحسب بل يمس المنطقة والعالم والامن القومي العربي في الصميم.

ونؤكد هنا أن العراق يسع الجميع ووحدته تبقى غالية على أبنائه، ونؤمن بالوطن الواحد الذي نعيش عليه جميعا، ونحن نرى إن الأكراد بالنسبة لنا هم ليسوا تكملة لأجزاء الجسد بل هم جزء من روح العراق.    


تقصد أن ذلك يؤدى إلى تقسيمات أخرى فى المنطقة ؟
باعتقادي، هو لا يمس فقط أمن وسيادة ووحدة العراق، إنما يمس الأمن القومي العربي بالصميم، لأن منطقة الشرق الأوسط حيوية جدا ومهمة، لو حدث أي شئ وأن حدود دول المنطقة تعرضت إلى أية تغييرات سيحدث تسونامى  للتقسيم والانفصال ليس فقط في العراق، باقى دول المنطقة أيضا، لذلك هذا الموضوع مرفوض عربيا ودوليا، وآمل من أخوتنا الكرد أن يأخذوا بنظر الاعتبار كل المعطيات و لدينا الحوار فنحن أبناء بلد واحد، بالإمكان أن نتحاور وأن نتخذ القرار الذي يلائم الجميع .


هناك هُدن بدأت في سورية هل ترى ذلك مؤشرا للبدء في حل الأزمة؟
من الجيد أن تكون هناك مبادرات بناءة في الساحة السورية، لان بقاء الشقيقة والجارة سورية في محنتها لن يؤدي إلا إلى تفاقم أزمات المنطقة وإطالة الحرب على الإرهاب، يجب ألا نسمح جميعا أن تتحول سورية الى منطقة قلق اقليمي وعالمي، ويجب ان نشجع الفرقاء السوريين على الالتقاء وإيجاد الحلول على طاولة الحوار، ونأمل ان تكون مخرجات جولات الحوار السوري السوري في استانا مفيدة في صعود المؤشرات البيانية نحو الحل،


ونثمن الجهود المصرية الأخيرة في نجاح اتفاق الهدنة في شمال مدينة حمص وهذا خير دليل على مقبولية السياسية المصرية لدى الأطراف السورية، ونأمل من خلال نجاح تلك الهدنة أن تكون للقاهرة أدوار أخرى على صعيد تخفيف الأزمات في المنطقة، ولا زلنا نرى في مصر أنها هي الوحيدة القادرة على جمع الدول الفاعلة في منطقتنا العربية على طاولة واحدة من اجل الوصول إلى اتفاق حكيم يهدف إلى تخفيف الأزمات والاختناقات.