جاك لانج :معرض قناة السويس في باريس ملحمة تاريخية

جاك لانج
جاك لانج
يعد معهد العالم العربي بباريس مركز إشعاع اللغة والثقافة العربية بعاصمة النور، عرف المعهد سنوات عجاف وكاد دوره يختفي ،وكان يعاني المعهد منذ سنوات طويلة من مشاكل مادية كبيرة إلى أن عين الوزير الفرنسي السابق جاك لانج، رئيسا لمعهد العالم العربي عام 2013 .

فمنذ توليه المسئولية تضاعفت الندوات والتظاهرات والعروض الفنية والمعارض، فقد أعادة الروح لمعهد العالم العربي في وقت تمر فيه الدول العربية بمنعطفات وهزات قوية. 

كان لانج وزير الثقافة في عهد الرئيس فرانسوا ميتران، ثم وزير التعليم. وقد تجلت إستراتيجية تجديد معهد العالم العربي منذ 2014 من خلال أحداث هامة جذبت أكثر من مليون زائر سنويا، إذ وفر للمعهد ديناميكية وقوة إشعاع جديدة.

وأصبح يقوم معهد العالم العربي وهو أكبر مؤسسة معنية بالثقافة العربية في فرنسا، بدورا هام ليس فقط على صعيد العلاقات الثقافية بين العالم العربي وفرنسا ولكن أيضا على الصعيد الفرنسي الداخلي من أجل تقوية الروابط الوطنية في فرنسا خاصة مع الشباب ذوي الأصول العربية.


في المبنى الشهير الذي يشغله المعهد الواقع على ضفاف نهر السين يستقبل جاك لانج رئيس معهد العالم العربي، بوابة أخبار اليوم وفي بداية الحديث نسأله عن الجديد من حيث التظاهرات الثقافية العربية في المعهد بشكل عام والمصرية بشكل خاص.


فيقول "العام العربي غني من حيث الثقافة والتاريخ والإبداعات الحديثة بالطبع هناك أحداث عنف ولكن الثقافة هي أفضل رد على التعصب والعنف والمعهد يحاول أن يعكس هذا التنوع".

ويضيف لانج "بالطبع مصر لديها مكانة كبيرة هنا لان مصر هي أقدم دولة في العالم وتاريخها معروف في كل أرجاء العالم، مصر دولة عظيمة فمن الطبيعي أن يكون لها مكانة خاصة هنا وليس بالضرورة من خلال المعارض الضخمة فقط بل كثيرا ما تعرض هنا أفلام مصرية وموسيقيين ومغنين مصرين وكتاب وشعراء".

وإلى جانب مجهودات معهد العالم العربي بباريس، للتعريف بالثقافة العربية، قال لانج"إن المعهد يقيم حاليا معرضا عن "الكنوز الإسلامية في إفريقيا،" موضحا أن المعرض يعرض تاريخ الإسلام في إفريقيا ويظهر ثراء الثقافات الإفريقية عبر الإسلام الذي انتشر خلال قرنين من الزمان في مناطق كثيرة بالقارة السوداء". 

وأكد مدير معهد العالم العربي بباريس، أنه وفي سبتمبر المقبل سيقيم معرض يظهر وجها آخر من تاريخ العالم العربي وهو التواجد المسيحي القديم من خلال 400عمل فني تبين ثراء وعمق وجمال هذا التاريخ.

وأضاف رئيس معهد العالم العربي "نقيم معارض منها ما يتعلق بالتاريخ القديم أو الحضارة الحديثة على سبيل المثال قدمنا "معرض أوزوريس" وهو يعتبر نجاح ليس له مثيل ليس فقط من حيث عدد الزوار ولكن أيضا من حيث الصحافة فلا أستطيع إحصاء قصاصات الصحف التي تابعت المعرض وكذلك وسائل الإعلام الأخرى، وأعتقد أن ا مصر هي أهم بلد في معهد العالم العربي من خلال تاريخها ونشاطاتها الثقافية والفنية".

وأوضح لانج ، أن معرض قناة السويس فهو يتناول التاريخ القديم والحديث سيكون معرض ضخم نقدمه في الربيع القادم، فقد تأثرت جدا يوم افتتاح التفريعة الجديدة لقناة سويس من حيث البراعة والذكاء وسرعة التنفيذ كما أنها حفرت بتمويل مصري، ويتناول المعرض تاريخ قناة السويس منذ البداية وحتى اليوم مرورا بالتأميم وعمليات التوسيع وسيكون عنوانه " قناة السويس: ملحمة مصرية".

وأكد لانج ، أنه سيتم إبراز ملحمة حفر القناة من خلال مخطوطات من جمعية ذكرى فردينان دوليسبس ومنحوتات وصور فوتوغرافية ومخططات لأعمال حفر ووثائق، كما نعرض فيه قطع أثرية من عصر الفراعنة منها تمثال سيزوستريس الثالث، ويواكب الزائر في المعرض موسيقى من أوبرا عايدة لفردي والتي كتبت خصيصاً من أجل مناسبة افتتاح القناة وتم تقديمها في القاهرة عام 1870.

وقال لانج "سوف نبرز تاريخ القناة منذ أن فكر فيها الفراعنة وبالتحديد سيزوستريس الثالث وفتح أول قنا بين النيل والبحر الأحمر في القرن التاسع عشر قبل الميلاد، ثم كان لنهضة مصر في فترة حكم محمد علي وخلفائه دورا أساسيا في خلق حالة فكرية ملائمة لمشاريع تحديث البلاد،ورأى المفكرون والمهندسون المؤمنون بأفكار سان سيمون في مصر، المكان المناسب لتجسيد حلمهم، ولهم يعود الفضل في الترويج لفكرة حفر برزخ السويس، ورغم كل الاعتراضات استطاع مشروع قناة السويس أن يرى النور بفضل إرادة رجلين: سعيد باشا، حفيد محمد علي الحاكم الذي أدخل مصر في الحداثة، وقنصل فرنسا السابق في الإسكندرية فرديناد دو ليسبس، تم تدشين القناة عام 1869 بحضور الإمبراطورة أوجيني وإمبراطور النمسا والمجر، وممثلي جميع القوى الهامة في العالم، فكان الحدث بمثابة انتصاراً لمصر التي بدأت تستقل تدريجياً عن الوصاية العثمانية وتسير نحو التقدم".

وأستطرد "سوف نبرز العدوان الثلاثي على مصر وكيف استرجعت مصر القناة وكيف استغلتها خير استغلال والتطورات التي حدثت مؤخرا ونرغب أن نبرز أهمية القناة التاريخية ليس فقط لمصر بل للعالم حيث كانت قناة السويس، رهاناً استراتيجياً منذ زمن بعيد واندلع ما بين القوى العظمى الرغبة في التحكم في القناة، قامت انجلترا بالاستيلاء على مصر،  ومرة أخرى أطلقت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، عملية عسكرية بدأت في 29 أكتوبر 1956 وانتهت بفشل ذريع على الصعيد السياسي".

نبرز في المعرض أنه تم حفر فرع ثاني موازي للقناة الأصلية يمتد على طول 72 كم، وكذلك زيادة عمقها وعرضها على طول 35 كم، وذلك بعد سنة واحدة فقط من العمل، أي اعتباراً من 6 أغسطس 2015. وهكذا أصبحت القناة قادرة على أن تستوعب زيادة هامة في حركة الملاحة وفي الوقت ذاته، تم انشاء مناطق اقتصادية مما يجعل من قناة السويس أحد المراكز الأساسية لتنمية البلاد.


بوابة أخبار اليوم سألت
لانج ،عن كيفية عمل توازن بين الدول العربية من حيث الأنشطة، فقال "التوازن يأتي من خلال الوقت وكذلك من خلال التظاهرات التي تجمع عدة دول معا مثال "معرض الصور الفوتوغرافية" الذي سيقام في شهر نوفمبر المقبل وهنا ندعو مصورين من كل الدول العربية وسوف نباء كذلك "بينال للسينما العربية " وهنا أيضا سوف يكون هناك عدد كبير من الدول العربية، ولا ننسي المكتبة التي تم تجديدها وكذلك نهتم بتعليم اللغة العربية، والتوازن موجود من خلال المكتبة التي تم تجديدها والندوات والمؤتمرات والأنشطة التربوية و ورشات العمل والموسيقى والرقص والسينما يستقبل المعهد الآن أكثر من مليون زائر كل عام.، يأتي الجمهور لاكتشاف هذه الثروات الثقافية والفكرية والفنية والإبداعية المتميز".

يؤكد جاك لانج أنه في الخريف القادم يحتفل المعهد بالذكرى الثلاثين لافتتاحه الرسمي ويكون 29 سبتمبر القادم يوماً مشهوداً نرى فيه مشربيات المعهد الشهيرة على واجهته، تنفتح وتنغلق، وقد عادت إلى تطبيق البرنامج الالكتروني الذي صممت من أجله في البداية بعد أن تعطلت سنوات عن العمل.