حوار| «نعيم»: الإخوان وراء كل حوادث الإرهاب..وداعش مجرد تمويه

نبيل نعيم
نبيل نعيم
أثار المشهد الصادم لتفجير الانتحاري لنفسه أمام كنيسة الإسكندرية وبجانبه ضحايا أبرياء العديد من الأسئلة في رأس كل من تابعه وهو يحاول أن يتصور أي فكر هذا الذي سيطر على ذلك الانتحاري وحوله إلى قنبلة تنفجر في وجه الوطن؟.. وما هي مراحل التحول من التدين إلى تلك النهاية المفجعة؟

وعن الأسباب التي أدت إلى الوصول إلى هذه المرحلة نحاول أن نتعرف على هذه الإجابات من خلال هذا الحوار مع نبيل نعيم المؤسس السابق لتنظيم الجهاد في مصر والذي كان بعد توبته أحد من أكرمه الله سبحانه وتعالى بأن يكون سببا في هداية 3 آلاف جهادي .. واليوم لا يزال يكمل المشوار بفضحه لكل الجماعات الموجودة على الأرض سواء كانت داعش أو الإخوان أو السلفيين أو أنصار بيت المقدس أو غيرها من المسميات فكلها تنطلق من فكر واحد وهو تكفير الحاكم وأعوانه.. لذلك هو يرى أن سحق الفكرة هذا الفكر المتطرف بعقول الشباب هو السبيل إلى إنقاذهم.

 > ما هي قراءتك لعمليتي تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية؟

- المقصود من انفجار الكنيسة المرقسية بالإسكندرية هو محاولة لاغتيال البابا تواضروس حيث أن هناك فتاوى سلفية بقتل رأس الكنيسة المصرية والمسيحيين وللأسف الشديد لقد حذرنا كثيراً من ضرورة منع اعتلاء السلفيين لمنابر المساجد فهم يشحنون الأولاد أن الأقباط ساهموا في نجاح ثورة 30 يونيو وأنهم يدعمون الرئيس عبد الفتاح السيسي وبالتالي تفجير الكنيستين موجه لإحراج القيادة السياسية والضغط على الرئيس السيسي إضافة إلى أن هؤلاء الأولاد المشحونين قد انضم إليهم العائدون من سوريا الذين تم تدريبهم هناك ومن سوريا إلى إسرائيل التي سمحت بعبورهم إلى قطاع غزة ومنه إلى سيناء .. إذا ربطنا ما بين تفجير الكنيستين وتفكيك القنبلة التي تم زرعها أمام مسجد بطنطا وسبقتها بأيام قليلة استهداف لمركز تدريب شرطة، ثم إعلان حركة حسم  الإخوانية بقيادة علاء السماحي مسئوليتها عن ذلك الحادث، تتابع تلك الأحداث يأخذني إلى  الظن أن حركة حسم هي نفسها المسئولة أيضاً عن تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية أما إعلان داعش مسئوليتها عن الحادث فهذا تمويه الغرض منه ألا تصنف جماعة الإخوان كجماعة إرهابية في جميع أنحاء العالم.. لكن في الحقيقة أن الإخوان وراء كل الأحداث الإرهابية في مصر.

>  الملاحظة التي استوقفت كل من تابع بيان الداخلية وهى تعلن عن شخصية انتحاري كنيسة الإسكندرية والقبض على خليته أنها كلها من محافظة قنا ما عدا عنصرين.. فلماذا قنا؟


- المعروف أن الفكر التكفيري للجماعات الإسلامية وكذلك الإخواني لا يسيطر فقط على محافظة قنا بل على محافظات الصعيد كلها ولنتذكر أن الجماعات الإسلامية تحالفت مع الإخوان وطارق الزمر قال في رابعة »سنسحقهم« وعصام دربالة مات فى السجن ورفاعة طه مات فى سوريا ومحمد الصغير شيخهم موجود الآن في قطر.. هذا يؤكد أن  هناك تعاونا كبيرا مازال قائما بين الإخوان والجماعة الإسلامية أما فيما يخص داعش والذي يؤكد على وجود تعاون  بينها وبين الآخرين أن هناك شابا اسمه مصطفى الغندور مقبوض عليه حاليا واعترف أنه أثناء وجوده في تركيا كان يتحالف مع لجنة الشئون الخارجية للإخوان وتلك اللجنة مهمتها التنسيق بين الإخوان وجميع الجماعات الموجودة في سوريا ومنها داعش وجبهة النصرة لكن ظهور داعش في المشهد مجرد تمويه كما ذكرت في السابق.

 > ماذا تعني خطوة اللجوء إلى العمليات الانتحارية بالنسبة للجماعات الإرهابية؟


- بالنسبة للجماعات الإرهابية العملية الانتحارية هي الأسلوب الأسهل الذي يحدث أكبر عدد من الضحايا، والأصعب في منعه وكلنا رأينا أنه عندما منع الانتحاري من دخول الكنيسة إلا بعد المرور عبر البوابة الأمنية فجر نفسه أمامها وأخلف وراءه قتلى وهذا يدل أيضاً على الفكر الإجرامي لتلك الجماعات لأن من كان يسير في الشارع في ذلك التوقيت العدد الأكبر منه كان مسلماً وليس مسيحياً فالمسيحيون كانوا داخل الكنيسة لحضور القداس.. ولعلنا أيضا نتذكر تفجيرات مطار بلجيكا.

 > ما هو ترتيب العملية الانتحارية بالنسبة للعمل الإرهابي؟

 - ترتيبها الأول ولكن يتم تأخيرها نظراً لصعوبة انتقاء العنصر الانتحاري، فليس سهلا العثور على عنصر انتحاري داخل الجماعات الإرهابية.

بداية التحول

>  هل تجنيد الشاب داخل الجماعة التكفيرية هو بداية طريقه في التحول لإرهابي أو انتحاري؟

- بل البداية في كونه في الأصل سلفيا أو إخوانيا أو وهابيا ثم تأتى مرحلة التجنيد وهى أنواع منها التجنيد العائلي، بمعنى أن فردا يستطيع تجنيد شباب من عائلته  وهناك التجنيد بين الأصدقاء وأيضاً التجنيد داخل المساجد فالإرهابي الذي ينتمي لمحافظة البحيرة كانت بدايته داخل الجماعة السلفية بالدلنجات بالبحيرة، وهي كجماعة تحمل الفكر التكفيري تماماً، وكذلك جماعة دمياط وأخيرا وسائل التواصل الاجتماعي التي تلعب دوراً أيضاً في عملية تجنيد الشباب.

>  كيف تبدأ أولى خطوات الشاب داخل الجماعة التكفيرية؟


 - بمجرد دخول الشاب إلى أي جماعة تكفيرية يخضع لعملية التثقيف فكل جماعة لها برامجها الثقافية وأفكارها التكفيرية المطبوعة، وكل الجماعات التكفيرية لديها كتاب شديد الخطورة وأي شاب يقرأه حتى لو أتينا له  بمشايخ  الدنيا كلها لن يستطيعوا أن يجعلوه يتراجع عن فكره إلا إذا تقدم به العمر، وبدأ يفيق لنفسه  هذا الكتاب إسمه « الجامع في طلب العلم الشريف »، وهو بمثابة مرجع التكفير في العالم ومكون من 4 آلاف صفحة، وينسب تأليفه لمن يدعى د.فضل، ويقال إنه مصري واسمه سيد إمام، كما يخضع الشاب لعملية التثقيف والتشبع بالفكر التكفيري يتم شحنه أيضا بالأكاذيب التي يملئون بها رأسه .

صناعة الانتحاري

>  وكيف تتم عملية صناعة العنصر الانتحاري؟


 - عادة ما يكون هذا العنصر من داخل مجموعات العمل العسكري الموجودة بكل جماعة تكفيرية، فبعد التأكد من تشبع عقول شبابهم بكل الأكاذيب والأفكار التكفيرية، تبدأ مرحلة تحميسهم للانتقام من النظام وكل من سانده ودعمه، ثم يطلبون متطوعاً للاستشهاد في سبيل الله، ويمنونه بأنه سينعم بالجنة وحور العين والهناء والنعيم الخالد، وبمجرد أن يتقدم المتطوع يسارعون بتحديد موعد تنفيذ العملية الانتحارية في مدة لا تزيد عن 84 ساعة، وإلا تردد وفشلت المهمة.

> كيف يتم تدريب الانتحاري على مهمته؟


- يخرج العنصر مع مجموعة الرصد لمعاينة المكان المراد واستهدافه ومعرفة كل المعلومات الخاصة به كطريقة الدخول والخروج والسير فيه وغيرها من التفصيلات الدقيقة.

 > وماذا عن يوم تنفيذ العملية؟

- يخرج ومعه عدد من العناصر لمتابعته وليقوموا أيضا بتصوير العملية الانتحارية، ولنتذكر الفيديو الذي عرض بعد المحاولة الفاشلة لاغتيال وزير الداخلية الأسبق اللواء محمد إبراهيم.

>  ما المدة التي تستغرقها عملية الرصد؟


- ربما تستغرق أسبوعا وبمجرد أن تتوافر لهم كل المعلومات ثم يتأكدون من صحتها ودقتها يتم تحديد التوقيت كما حدث في كنيسة طنطا عندما اختاروا التوقيت أثناء الصلاة حتى يحدثوا أكبر عدد من الضحايا، أما اختيارهم لكنيسة الإسكندرية فكان لأن البابا تواضروس يقيم القداس بداخلها.. اختيارهم للمكان والزمان يخضع دائماً لتحقيق هدف معين وليس مجرد اختيارًا عشوائيًا.. وأحياناً تكون لهم عناصر مخترقة المكان مثل أمين الشرطة في حادثة قسم العريش، والذي تم القبض عليه وتبين أنه حصل على 100 ألف دولار نظير أنه يسمح بدخول السيارة المفخخة من المكان السري الذي تدخل منه القيادات الشرطية ثم فجرت القسم.

>  ما حقيقة أن هناك ما يزيد على 1000 داعشي في مصر؟


- ليسوا ألفا بل نصف مليون!.. كل المدارس السلفية و الإخوانية ممكن أن تتحول في لحظة إلى مدارس داعشية لأن هناك وحدة فكرية واحدة  يجتمع عليها الإخوان وداعش وأنصار بيت المقدس وكل مسميات الجماعات التكفيرية.. جميعها يكفر الحاكم وأعوانه وهم: الجيش والشرطة والقضاء والإعلام ومجلس النواب، هذا هو القاسم المشترك بين الإخوان وغيرها من الجماعات الأخرى، لكن منها من يرى أن الحاكم لم يأت إلى الحكم بمفرده وأن الشعب نزل إلى الانتخابات ليقول له نعم  بالتالي هذا الشعب هو أيضا كافر.. بالتالي الوحدة الفكرية التي تجمع داعش والإخوان وأنصار بيت المقدس وجماعة البحيرة ودمياط  أنهم قطبيون - أتباع « سيد قطب « - يكفرون الحاكم وأعوانه والشعب الذي اختاره والبعض لا يكفر الشعب كالمدرسة السلفية بالإسكندرية.. وهناك من يؤمن  بتلك الأفكار التكفيرية ولكنه ليس مجندا داخل تنظيم.

المشكلة الحقيقية أن مصر بها عدد كبير من الشباب المحبط الذي تخرج من الجامعة ولا يجد عملاً يمتهنه ولا يرى لنفسه أى مستقبل.. هذا الشباب المحبط إذا «تدين» سيكون مادة خام لتلك الجماعات.. الشباب أغلقت عليه أبواب الرزق فمنه من كان يسافر إلى العراق أو إلى ليبيا أو إلى الخليج وهذا لم يعد متوافراً له اليوم،حتى البحر الذي يرى فيه الشاب موته يدفع 70 ألف أو80 ألف جنيه ليجد من يهربه إلى الخارج عبره.. بالتالي لابد من المعالجة الحقيقية للبطالة التي تسبب الإحباط للشباب حتى لا يصبح فريسة سهلة للجماعات التكفيرية.

 > كيف ترى خطوات تجديد الخطاب الديني؟

-  نحن نطلب من شيخ الأزهر ما لا يستطيع أن يفعله هو بمفرده حتى لو تغير وأتينا بـ 100 آخرين غيره وذلك عندما نطالبه بتجديد الخطاب الديني.. تجديد الخطاب الديني يتطلب أن تجلس مجموعة من الشيوخ الأجلاء الذين أنفقوا أعمارهم في طلب العلم والاستقصاء والبحث لتجمع كتب التراث المشهورة وتنقى منها الإسرائيليات والموضوعات والتفسيرات الخاطئة وهذا يحتاج لجهد طويل ووقت أطول لكن الحل الأسرع والمتاح الآن هو أن تتصدى مجموعة من العلماء الأزهريين الأكفاء لسحق الفكر المتطرف الوافد إلينا من الخارج لأن الشاب الذي يقدم على الانتحار فهذا بناء  على فكرة في رأسه ولدينا قاعدة تقول : « سلوك الإنسان وليد لفكره « فإذا هدمنا الفكرة التي في رأس الانتحاري أو الإرهابي بالتالي لن يموت أبداً من أجلها.

 > ما هو السبيل لتجفيف منابع تمويل الجماعات الإرهابية؟


- من الحكايات التي رواها لى عدد من الشباب الذين تابوا وخرجوا من تلك الجماعات أكدت أن تلك الجماعات يأتي إليها دعم لا يتخيله بشر أموال بأرقام خيالية يتم إنفاقها وإمكانيات هائلة لا يعلم أحد مصدرها.. نفقة الشاب الواحد الذي يتم إرساله إلى سوريا ليتم تدريبه هناك تكلفتها 10 آلاف دولار تقريبا فهو يخرج من مصر إلى تركيا التي كان شرط الحصول على تأشيرة الدخول إلى أراضيها - فى فترة ماضية - توافر حساب بنكي بقيمة 5 آلاف دولار أو 40 ألف جنيه مصري بينما نحن لدينا 100 ألف عنصر داخل سوريا!..

> الخطوة التصعيدية من جانب الدولة بإعلان حالة الطوارئ وتشكيل المجل س الأعلى لمواجهة الإرهاب هل تراها ستحجم من الهجمات ؟

- ما أتوقعه أن عام 2017 سيكون عام الإرهاب، كما سيكون عام مواجهة الإرهاب فستنزح من سوريا والعراق مجموعات كبيرة ستتفرق في اتجاهات مختلفة.. بعضهم سيتوجه إلى أوروبا وبعضهم سيتسلل إلى مصر وغيرها من دول العالم.. هزائمهم في سوريا والعراق ستجعلهم يسيحون في الأرض ولكن طبعا لن يتحركوا في هدوء وسكينة.. شيء آخر الإنتحاري الذي يقتل نفسه لن يخيفه أو يوقفه إعلان حالة طوارئ أو تشكيل لجنة لمواجهته.. الإرهابي يفرح بإعلان حالة الطوارئ، لأنه يشعر بنجاح تحقيق هدفه وهو «تطفيش» السياحة والاستثمارات.. كما أنه بمجرد أن أعلن الرئيس السيسي عن تشكيل المجلس القومي لمواجهة الإرهاب سمعنا من يطرح اسم إسلام البحيرى أن يكون عضوا بها وهذه كارثة كبيرة، وآخرين طالبوا بحذف الأزهر!.. للأسف من يطالب بحذف الأزهر يعمل لصالح الجماعات الإرهابية.