أصدر رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان نجيب جبرائيل بياناً رسمياً أدان فيه البيان المشترك الصادر عن منظمتي هيومان رايتس ووتش والعفو الدولية في التاسع من يونيو 2014 حول مصر. وأكد جبرائيل على أن هذا البيان جاء مليئاً بافتراضات واستنتاجات خاطئة لا أساس لها ويستند إلى معلومات خاطئة، مشيرا إلى أنه يهدف لنقل صورة مغلوطة حول الأوضاع في مصر ويفتقر لأبسط مبادئ الموضوعية ويتسم بالانحياز والميل إلي إصدار أحكام مطلقة لا علاقة لها بالواقع. وأضاف أن الفكرة الأساسية للبيان جاءت غير متوازنة كما هو الحال في مختلف التقارير والبيانات الصادرة من منظمات حول الأوضاع في مصر خلال الشهور الأخيرة، مؤكداً على أن الكثير من المعلومات الواردة في هذا البيان غير دقيقة بل و مضللة أحياناً. وأكد جبرائيل أن البيان المشار إليه تجاهل عن عمد نزول عشرات الملايين في الثلاثين من يونيو بدأت عملية بناء دولة ديمقراطية حديثة تلبي طموحات الشعب المصري، وما أعقب ذلك من تشكيل لجنة من خمسين شخص يمثلون كافة القوى السياسية وفصائل المجتمع لصياغة دستور جديد للبلاد يعكس تعددية المجتمع المصري وتنوعه، وطرح هذا الدستور للاستفتاء في يناير 2014 بمشاركة 38% من الناخبين والذي حظي بموافقة 98.1% من إجمالي من قاموا بالتصويت. ومنح هذا الدستور البرلمان في سحب الثقة عن رئيس الجمهورية وذلك لخلق نوع من التوازن بين السلطات، كما أنه يكرس لحرية الرأي والتعبير وحقوق الطفل و المرأة، كما انه ولأول مرة نص الدستور على تجريم التعذيب بكافة أشكاله وعدم سقوطه بالتقادم فضلاً عن تجريم الاتجار بالبشر وعمالة الأطفال. وأوضح جبرائيل أن هذا البيان تجاهل بشكل واضح الهجمات الإرهابية الوحشية والعشوائية ضد المصريين المدنيين وعناصر الأمن ودور العبادة، والتقليل من أهمية هذه الهجمات، وإصدار بيانات لا قيمة لها في بعض الحالات. وذكر في بيانه أنهم فشلوا في الوقوف بموضوعية بجوار المواطنين المصريين ضد التهديدات الإرهابية الواضحة، وبدلاً من ذلك فقد قاموا بتضخيم بعض الممارسات من قبل الحكومة المصرية في محاولة بائسة لنقل صورة مغلوطة حول الأوضاع في مصر، وهو ما يعد انعكاسا واضحاً للتحيز الذي تمارسه هذه المنظمات ويعد إما نوعاً من عدم المهنية أو بمثابة خطوات ممنهجة تتم في إطار اعتبارات سياسية وكل ذلك في ضوء تجاهل كامل لإرادة الشعب المصري، ورغم أن مصر واجهت مخاطر استثنائية مختلفة في ظاهرة العنف والإرهاب من قبل الجماعات المسلحة، فإنها لم تواجهها بأية إجراءات استثنائية بعكس دول غربية كالولايات المتحدة التي أصدرت قانون المواطنة وقامت بفتح معتقل جوانتانامو وغيرها. وقال جبرائيل إن البيان يتهم قوات الأمن المصرية باستخدام القوة المفرطة وبشكل عشوائي في عمليات قتل جماعي دون تقديم أي أدلة على هذه المعلومات، فيما يعد خرقاً واضحاً لقواعد المهنية والموضوعية، كما لا يذكر على الإطلاق حقيقة أن هؤلاء الذين يصفهم بأنهم متظاهرين كانوا مسلحين وأن هناك أدلة واضحة على استخدام هذه الأسلحة في إطلاق النار على قوات الأمن متجاهلين مسؤولية أية حكومة متحضرة في حماية مواطنيها. ولفت إلى أن هذا البيان بذلك لم يفشل فقط في تقديم معلومات حول عدد من تم قتلهم بواسطة هؤلاء ممن وصفهم بالمتظاهرين، ولكنه فشل كذلك في الإقرار بأن الكثير من هؤلاء المتظاهرين أو الذين كانوا متواجدين في الاعتصامات كانوا مسلحين بأسلحة مختلفة، حتى يمكنهم تغيير سياق الحادثة بأسرها لتوصيفها بأنها فضل اعتصام سلمي بدلاً من توصيفها باعتبارها معركة مسلحة بين قوات الأمن وعصابات مسلحة، كما لم يتضمن البيان أية إشارة حول أعداد الضحايا من عناصر الشرطة والجيش والمدنيين الأبرياء والتي بلغت حوالي 700 فرداً. وأعرب رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان عن دهشته البالغة مما جاء بالبيان من مغالطات والأكاذيب بالإدعاء بوجود عمليات اعتقال للمواطنين ومحاكمتهم بالمخالفة للقانون الدولي والمصري، متجاهلاً أن عمليات القبض تمت بعد صدور أوامر ضبط وإحضار من مكتب النائب العام وهي جهة قضائية مستقلة تماماً، وأن هذه المحاكمات تتم أمام القاضي الطبيعي ووفقاً لقانون العقوبات المصري العادي. وأشار إلى أن الإدعاء بأن المتهمين لا يتمتعون بحقهم في الحصول على إجراءات تقاضي قانونية لا أساس له، ويمثل إضافة لقائمة الإدعاءات التي يتم التعامل معها بأنها أمر واقع بلا أي سند، كما لم يتطرق إلى أن كافة الإدعاءات حول إعدام 529 شخصا ثم صدور حكم آخر بإعدام 683 شخصاً هي إدعاءات زائفة حيث لم تصدر أحكاماً بالإعدام سوى في حق 37 شخصاً فقط من بينهم 32 تم الحكم عليهم غيابياً، ومن ثم سيعاد محاكمتهم مرة أخرى وكأن الحكم لم يكن، بل أن الحكم تم الطعن عليه من قبل النيابة العامة، فضلاً عن تجاهل الإشارة لقرار النائب العام بإخلاء سبيل 228 فردا من عناصر الإخوان المتهمين بحرق نيابة مرور بني مزار. ونفى جبرائيل ما جاء ببيان المنظمتين بلا أي سند بأن هناك تعذيب ممنهج يتم ممارسته في مقرات الاحتجاز، وهو ما يعد أمراً بعيداً كل البعد عن المهنية أن تتهم السلطات بارتكاب مثل هذه الانتهاكات دون إيضاح في كيفية التوصل إلي هذه النتائج. كما فند البيان الصادر عن الاتحاد المصري لحقوق الإنسان ما جاء ببيان المنظمتين بأنه لم يتم تقديم أي ضابط شرطة للمحاكمة في الانتهاكات التي وقعت منذ يوليو 2013، كونه يتجاهل حقيقة أنه قد تم تشكيل بعثة لتقصي الحقائق بقرار من الرئيس المؤقت عدلي منصور في 6 يناير 2014 برئاسة قاضي دولي سابق هو د.فؤاد عبد المنعم رياض والذي كان قاضياً سابقاً في محكمة جرائم الحرب في يوغوسلافيا، وتم تكليف اللجنة بالبحث في كافة الأدلة والمعلومات المتعلقة بالأحداث التي وقعت منذ الثلاثين من يونيو 2013 وحتى اليوم، على أن تقوم برفع تقريرها إلى رئيس الجمهورية فور انتهاء عملها، كما لم يشر البيان إلى واقعة إحالة عدد من ضباط وأفراد الشرطة إلى المحاكمة في الواقعة المعروفة إعلامياً باسم جريمة أبو زعبل، والتي صدر فيها حكم بالسجن ضد عناصر الشرطة المتهمين، ثم تم إعادة القضية للنيابة العامة لاستكمال التحقيقات فيها. وقال جبرائيل إن البيان المشار إليه تضمن ما يفيد بأن الدستور المصري الجديد يسمح بمحاكمة المدنيين عسكرياً في بعض الحالات، وتجاهل عن عمد وسوء نية الإشارة إلى هذه الحالات رغم أنها واردة في نص الدستور على سبيل الحصر وتتعلق جميعها بالاعتداء المباشر علي عناصر أو منشآت القوات المسلحة. وفيما يتعلق بما جاء في البيان حول معاملة مصر ضد اللاجئين لاسيما اللاجئين السوريين، ذكر جبرائيل أن هذا البيان تجاهل عن عمد أو عن جهل أنه وعلى الرغم من المشكلات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها مصر فإن الحكومة المصرية تبذل جهوداً مكثفة لتوفير الدعم اللازم لهؤلاء اللاجئين لاسيما اللاجئين السوريين الذين يحظون برعاية كاملة في وسط المجتمع وليس داخل معسكرات اللاجئين، كما تمنحهم الحكومة الحق في الرعاية الصحية والتعليم في المدارس والجامعات المصرية أسوة بالمصريين، وفيما يتعلق بشرط حصولهم على التأشيرة المسبقة فكان هذا القرار نتيجة لأسباب أمنية في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد، ولم يتم إجبار أي منهم على العودة إلى سوريا إلا هؤلاء الذين دخلوا إلى البلاد بصورة غير شرعية، وتم التعامل معهم وفقاً للقانون. وتعليقاً على ماء جاء بالبيان بشأن قضية التمييز ضد المرأة، ذكر رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان أنه يأتي في إطار محاولة تقديم المزيد من الانتقادات البعيدة كل البعد عن الموضوعية. وأضاف جبرائيل أنه رغم اعترافنا بأن المجتمع المصري يواجه مشكلة واضحة فيما يتعلق بالتحرش الجنسي وحماية المرأة، ولكن لابد من الإشارة إلى أن هناك خطوات غير مسبوقة تم اتخاذها في سبيل مواجهة هذه المشكلة. وأكد على أن الدستور الجديد يكرس لحماية حقوق المرأة في كافة المجالات العامة والحياة الخاصة، كما أن الرئيس السابق عدلي منصور أصدر منذ أيام قانوناً لتجريم التحرش الجنسي ووضع عقوبات صارمة علي المعتدين، كما أصدر الرئيس السيسي قراراً بتشكيل لوقوف على أسباب انتشار ظاهرة التحرش، وصياغة إستراتيجية وطنية لمواجهتها، تساهم فيها المؤسسات التعليمية والدينية والإعلامية والأمنية، إلى جانب مؤسسات الدولة الأخرى، بما فيها المجتمع المدني، كما قام بزيارة السيدة ضحية حادثة التحرش بميدان التحرير أثناء الاحتفال بفوزه في انتخابات الرئاسة، معتذراً لها عما حدث وواعداً إياها بمحاسبة مرتكبي الحادث. وحول ما جاء في ختام البيان من توصيات، وصف جبرائيل أهذه التوصيات بأنها منافية للعقل وتتمحور حول حق هذه المنظمات الإرهابية في أن تطعن علي قرار اعتبارها جماعات إرهابية. وواقع الأمر أن العالم الحديث لم يشهد في أي دولة أن تقوم جماعة بحرق دور العبادة واستهداف المدنيين وأفراد الأمن بالأسلحة والقنابل ، حتى يمكنها ذلك من الانخراط مستقبلاً في عملية قانونية تمنحها الحق في الإدعاء بأن هذه الأعمال ليست أعمالاً إرهابية. وأوضح جبرائيل، أنه بدلاً من تقديم هذه الإدعاءات المغلوطة بشأن ممارسات الحكومة المصرية وتقديم كل هذه الأدلة حول انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، طالب جبرائيل منظمتي هيومان رايتس ووتش والعفو الدولية بتوخي الدقة والاستناد إلى معلومات صحيحة تعكس الواقع وأن تسمى بإرادة الشعب المصري التي تم التعبير عنها في 30 يونيو ودعمهم في مواجهة أعمال العنف والإرهاب التي تتنافى وكل قواعد ومواثيق حقوق الإنسان. واختتم بالقول إنه لا يمكن معرفة الدوافع وراء هذه الهجمة غير المبررة من قبل هيومان رايتس ووتش والعفو الدولية ضد مصر وشعبها، لكن ما يبقى واضحاً أمام الجميع هو تلك المحاولات الحثيثة تشويه الواقع والحملة الماكرة لنقل صورة محددة للأحداث في مصر.